للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الهدية يلتمس بها أكثر منها (١). (ز)

٦٠٦٧٦ - قال مقاتل بن سليمان: ثم قال تعالى: {وما آتَيْتُمْ مِن رِبًا} يقول: وما أعطيتهم مِن عَطِيَّة {لِيَرْبُوَ فِي أمْوالِ النّاسِ} يعني: تزدادوا في أموال الناس، نزلت في أهل الميسر من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، يقول: أعطيتهم من عطية ليلتمس بها الزيادة من الناس، {فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ} يقول: فلا تضاعف تلك العطية عند الله، ولا تزكو، ولا إثم فيه، ثم بين الله - عز وجل - ما يربو من النفقة (٢). (ز)

٦٠٦٧٧ - قال يحيى بن سلّام: {وما آتَيْتُمْ مِن رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أمْوالِ النّاسِ}، أي: ليربوا ذلك الربا الذي يربون، والربا: الزيادة، أي: يهدون إلى الناس ليهدوا إليكم (٣) أكثر منه (٤) [٥١١٢]. (ز)


[٥١١٢] اختلف السلف في معنى الآية على أقوال: الأول: أنه الرجل يهدي هدية ليكافأ عليها أفضل منها. الثاني: أنه في رجل صحبه في الطريق فخدمه، فجعل له المخدوم بعض الربح من ماله جزاء لخدمته، لا لوجه الله. الثالث: أنه في رجل يهب لذي قرابة له مالًا ليصير به غنيًّا ذا مال، ولا يفعله طلبًا لثواب الله. الرابع: أن ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة، وأما لغيره فحلال.
وقد رجّح ابنُ جرير (١٨/ ٥٠٦) مستندًا إلى الأظهر من معاني اللفظ القول الأول، وعلَّل ذلك بقوله: «وإنما اخترنا القول الذي اخترناه في ذلك لأنه أظهر معانيه».
وعلّق ابنُ عطية (٧/ ٢٨) على القول الأول، فقال: «قال ابن عباس، وابن جبير، ومجاهد، وطاووس: هذه آية نزلت في هبات الثواب، وما جرى مجراها مما يصنعه الإنسان ليجازى عليه؛ كالسلام وغيره، فهو وإن كان لا إثم فيه فلا أجر فيه ولا زيادة عند الله تعالى». وذكر القولين الآخرين، وبيّن قربهما من القول الأول بقوله: «وهذا كله قريب وجزء من التأويل». ثم ذكر في الآية احتمالًا غير ما ذُكرَ، فقال: «ويحتمل أن يكون معنى هذه الآية النهي عن الربا في التجارات، لَمّا حض - عز وجل - على نفع ذوي القربى والمساكين وابن السبيل؛ أعْلَمَ أن ما فعل المرءُ مِن رِبًا ليزداد به مالًا -وفعله ذلك إنما هو في أموال الناس- فإنّ ذلك لا يربو عند الله ولا يزكو، بل يتعلق فيه الإثم ومحق البركة».

<<  <  ج: ص:  >  >>