ورجَّح ابنُ جرير (١٩/ ٢١) مستندًا إلى الدلالة العقلية: «أن يُقال: معنى ذلك: إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم الذين كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آخى بينهم وبينكم من المهاجرين والأنصار معروفًا مِن الوصية لهم، والنُّصرة والعَقْل عنهم، وما أشبه ذلك؛ لأن كل ذلك من المعروف الذي قد حثَّ الله عليه عباده». وعلَّل ذلك بقوله: «وإنما اخترت هذا القول وقلتُ: هو أولى بالصواب مِن قيل مَن قال: عُنِيَ بذلك: الوصية للقرابة مِن أهل الشرك. لأن القريب من المشرك -وإن كان ذا نسب- فليس بالمولى، وذلك أن الشرك يَقْطَع ولاية ما بين المؤمن والمشرك، وقد نهى الله المؤمنين أن يتخذوا منهم وليًّا بقوله: {لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وعَدُوَّكُمْ أوْلِياءَ} [الممتحنة: ١]، وغير جائزٍ أن ينهاهم عن اتخاذهم أولياء ثم يصفهم -جلَّ ثناؤه- بأنهم لهم أولياء». وذكر ابنُ عطية (٧/ ٩٣) أن المعنى: «الإحسان في الحياة، والصِّلة والوصية عند الموت». ونسبه إلى قتادة، والحسن، وعطاء، وابن الحنفية، ثم علَّق عليه بقوله: «وهذا كله جائزٌ أن يُفعَل مع الوليّ على أقسامه، والقريب الكافر يوصى له توصية». وعلَّق على القول بكونها في المؤمنين بقوله: «ولفظ الآية يعضد هذا المذهب». ثم ذكر أن تعميم لفظ (الوليّ) أيضًا حسنٌ، وعلَّل ذلك بقوله: «إذ ولاية النسب لا تدفع الكافر، وإنما تدفع أن يلقى إليه بالمودة كوليّ الإسلام، والكتابي الذي ينتظر ذلك فيه يحتمل الوجهين اللذين ذكرنا».