للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

موسى يسعى خلفه، ويقول: ثوبي، يا حجر، ثوبي، يا حجر. حتى مرَّ على بني إسرائيل، فنظروا إليه، فرأوه بريئًا مما كانوا يقولون، فأدرك الحجرَ، فأخذ ثوبه (١). (ز)

٦٢٩٢٠ - قال مقاتل بن سليمان: {يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمّا قالُوا} كما آذت بنو إسرائيل موسى؛ فزعموا أنه آدَرُ، وذلك أن موسى - عليه السلام - كان فيه حياء شديد، وكان لا يغتسل في نهر ولا غيره إلا وعليه إزار، وكان بنو إسرائيل يغتسلون عُراة، فقالوا: ما يمنع موسى أن يتجرد كما نتجرد إلا أنه آدر. فانطلق موسى - عليه السلام - ذات يوم يغتسل في عين بأرض الشام، واستتر بصخرة، ووضع ثيابه عليها، ففرَّت الصخرة بثيابه، وأتبعها موسى - عليه السلام - متجرِّدًا، فلحقها، فضربها بعصاه، وكان موسى - عليه السلام - لا يضع العصا من يده حيث ما كان، وقال لها: ارجعي إلى مكانك. فقالت: إنما أنا عبد مأمور، لِمَ تضربني؟! فردها إلى مكانها. فنظرت إليه بنو إسرائيل فإذا هو مِن أحسن الناس خلقًا، وأعدلهم صورة، وكان سليمًا ليس كالذي قالوا، فذلك قوله - عز وجل -: {فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمّا قالُوا} إنه آدر (٢). (ز)

٦٢٩٢١ - عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: {يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كالَّذِينَ آذَوْا مُوسى}، قال: كان موسى رجلًا شديد المحافظة على فرجه وثيابه، قال: فكانوا يقولون: ما يحمله على ذلك إلا عيبٌ في فرجه يكره أن يُرى. فقام يومًا يغتسل في الصحراء، فوضع ثيابه على صخرة، فاشتدت بثيابه، قال: وجاء يطلبها عريانًا، حتى اطلع عليهم عريانًا، فرأوه بريئًا مما قالوا (٣) [٥٢٨٢]. (ز)


[٥٢٨٢] اختُلِف في تأويل الأذى الذي أوذي به موسى المذكور في هذا الموضع على أربعة أقوال: أولها: أنهم رموه بأنه آدر. والثاني: أنهم وصفوه بأنه أبرص. والثالث: أنهم ادَّعَوا عليه قتل هارون أخيه. والرابع: أن قارون أرسل بغيًّا لتدعي عليه.
وذَهَبَ ابنُ جرير، وكذا ابنُ كثير إلى جواز ذلك كله لعدم دليل التخصيص، فقال ابنُ جرير (١٩/ ١٩٤ - ١٩٥): «أولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إنّ بني إسرائيل آذوا نبي الله ببعض ما كان يكره أن يؤذى به، فبرأه الله مما آذوه به. وجائز أن يكون ذلك كان قيلهم: إنه أبرص. وجائز أن يكون كان ادعاءهم عليه قتل أخيه هارون. وجائز أن يكون كل ذلك؛ لأنه قد ذُكِرَ كل ذلك أنهم قد آذوه به، ولا قول في ذلك أولى بالحق مما قال الله إنهم آذوا موسى، فبرأه الله مما قالوا».
وقال ابنُ كثير (١١/ ٢٤٨): «يحتمل أن يكون الكل مرادًا، وأن يكون معه غيره».

<<  <  ج: ص:  >  >>