وقد زاد ابن عطية (١/ ٣٢٩) في نزول الآية قولين آخرين، أحدهما: أن الآية عامة، عزاه للنخعي، والمعنى: «أينما تولوا في متصرفاتكم ومساعيكم فثم وجه الله، أي موضع رضاه وثوابه وجهة رحمته التي يوصل إليها بالطاعة». الثاني: أنها نزلت حين صُدَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن البيت، عزاه للمهدوي. [٤٥٩] ذكر ابنُ جرير (٢/ ٤٥٥ - ٤٥٦ بتصرف) اختلافَ المفسرين في السبب الذي من أجله خصَّ الله المشرق والمغرب بالخبر عنهما أنهما له دون سائر الأشياء، ثم قال مرجِّحًا بعادةِ العربِ: «والصواب من القول في ذلك: أن الله إنّما خَصَّ الخبر عن المشرق والمغرب في هذه الآية بأنهما له ملك -وإن كان لا شيء إلا وهو له ملك- إعلامًا منه عباده المؤمنين أنّ له ملكهما وملك ما بينهما من الخلق، وأن على جميعهم؛ إذ كان له ملكهم طاعته فيما أمرهم ونهاهم، وفيما فرض عليهم من الفرائض، والتوجه نحو الوجه الذي وجهوا إليه، إذ كان من حكم المماليك طاعة مالكهم. فأخرج الخبر عن المشرق والمغرب، والمراد به من بينهما من الخلق، على النحو الذي قد بينت من الاكتفاء بالخبر عن سبب الشيء من ذكره والخبر عنه. ومعنى الآية إذًا: ولله ملك الخلق الذي بين المشرق والمغرب يتعبدهم بما شاء، ويحكم فيهم ما يريد عليهم طاعته، فولوا وجوهكم -أيها المؤمنون- نحو وجهي، فإنكم أينما تولوا وجوهكم فهنالك وجهي».