للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فكانت امرأتُه تسعى عليه، حتى قالت له: أما ترى، يا أيوب؛ قد نزل بي -واللهِ- مِن الجَهد والفاقة ما أن بِعتُ قروني برغيف فأطعمتُك، فادعُ الله أن يشفيك ويريحك. قال: ويحك! كنا في النعمة سبعين عامًا، فاصبري حتى نكون في الضُّر سبعين عامًا. فكان في البلاء سبع سنين، ودعا، فجاء جبريل ذات يوم، فأخذ بيده، ثم قال: قم. فقام، فنحاه عن مكانه، وقال: {ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وشَرابٌ}. فرَكَض برجله، فنبعتْ عين، فقال: اغتسِل. فاغتسلَ منها، ثم جاء أيضًا فقال: اركُض. فركض برجله، فنبعتْ عين أخرى، فقال له: اشرب منها. وهو قوله: {ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وشَرابٌ}، وألبسه الله حُلّة من الجنة، فتنحى أيوب، فجلس في ناحية، وجاءت امرأته فلم تعرفه، فقالت: يا عبد الله، أين المُبتلى الذي كان ههنا، لعلَّ الكلاب ذهبت به أو الذئاب! وجعلت تكلِّمه ساعة، فقال: ويحكِ! أنا أيوب، قد ردَّ الله عليَّ جسدي. وردَّ عليه ماله وولده عيانًا، ومثلهم معهم، وأمطر عليهم جَرادًا من ذَهَبٍ، فجعل يأخذ الجراد بيده، ثم يجعله في ثوبه، وينشر كساءه ويأخذه، فيجعل فيه، فأوحى الله إليه: يا أيوب، أما شبعتَ؟ قال: يا رب، مَن ذا الذي يشبع مِن فضلك ورحمتك؟! (١). (١٢/ ٥٩٦)

٦٦٨٣٦ - عن نَوْف البِكالِيّ -من طريق أبي عمران الجوني- قال: الشيطانُ الذي مسَّ أيوبَ يُقال له: مِسْوَطٌ. فقالت امرأة أيوب: ادعُ اللهَ أن يشفيك. فجعل لا يدعو حتى مرَّ به نفر من بني إسرائيل، فقال بعضُهم لبعض: ما أصابه ما أصابه إلا بذنب عظيم أصابه. فعند ذلك قال: {أنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وأَنْتَ أرْحَمُ الرّاحِمِينَ} [الأنبياء: ٨٣] (٢). (١٢/ ٦٠٠)

٦٦٨٣٧ - قال يحيى بن سلّام: {واذْكُرْ عَبْدَنا أيُّوبَ إذْ نادى رَبَّهُ} الآية، قال الحسن: إنّ إبليس قال: يا ربِّ، هل مِن عبيدك عبْدٌ إن سلَّطتني عليه امتنع مِنِّي؟ قال: نعم، عبدي أيوب. فسلَّطه الله عليه ليجهد جهده ويُضلّه، فجعل يأتيه بوساوسه وحبائله، وهو يراه عيانًا، فلا يقدر منه على شيء، فلمّا امتنع منه قال الشيطان: أي ربِّ، إنّه قد امتنع مِنِّي، فسلِّطني على ماله. فسلَّطه الله على ماله، فجعل يُهلك مالَه صِنفًا


(١) أخرجه ابن أبي حاتم -كما في تفسير ابن كثير ٥/ ٣٥٦، والبداية والنهاية ١/ ٥١١ - ٥١٢ - ، وابن عساكر ١٠/ ٦٣، ٦٤. وعزاه السيوطي إلى أحمد في الزهد.
(٢) أخرجه آدم بن أبي إياس -كما في تفسير مجاهد (٥٧٥) -، وابن أبي حاتم -كما في تفسير ابن كثير ٥/ ٣٥٥ - ٣٥٦ - .

<<  <  ج: ص:  >  >>