للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صنفًا، فجعل يأتيه وهو يراه عيانًا، فيقول: يا أيوب، هلك مالُك في كذا وكذا. فيقول: الحمد لله، اللهم، أنت أعْطَيْتَنِيهِ، وأنت أخذتَهُ مِنِّي، إن تُبقِ لي نفسي أحمدُك على بلائك. ففعل ذلك حتى أهلك ماله كلَّه، فقال إبليس: يا ربِّ، إنّ أيوب لا يُبالي بماله؛ فسلِّطني على جسده. فسلَّطه الله عليه، فمكث سبع سنين وأشهرًا حتى وقعت الأَكَلَة في جسده. =

٦٦٨٣٨ - قال يحيى بن سلّام: وبلغني: أنّ الدودة كانت تقع مِن جسده، فيردها مكانها، ويقول: كلي مما رزقك الله. قال الحسن: فدعا ربه: {أنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وعَذابٍ} يعني: في جسده، وقال في الآية الأخرى: {أنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وأَنْتَ أرْحَمُ الرّاحِمِينَ} [الأنبياء: ٨٣] (١). (ز)

٦٦٨٣٩ - عن معاوية بن قرة، قال: إنّ أيوب نبيَّ الله لَمّا أصابه الذي أصابه قال إبليس: يا ربِّ، ما يُبالي أيوبُ أن تعطيه أهلَه ومثلَهم معهم، وتخلف له ماله، سلِّطني على جسده. قال: اذهب، فقد سلَّطتك على جسده، وإيّاك -يا خبيثُ- ونفسَه. قال: فنفخ فيه نفخةً سقط لحمه، فلمّا أعياه صرخ صرخة اجتمعت إليه جنوده، فقالوا: يا سيدنا، ما أغضبك؟ فقال: لِمَ لا أغضب؟! إنِّي أخرجتُ آدم من الجنة، وإنّ ابنه هذا الضعيف قد غلبني. فقال المُذْهَبُ (٢): سيدنا، ما فعلت امرأته؟ فقال: حية. قال: أمّا هي فقد كفيتُك أمرَها. فقال له: فإن أطلقتها فقد أصبتَ، وإلا فأعطه المَقادة (٣)، فجاء إليها، فاستزَلَّها، فأتتْ أيوبَ، فقالت له: يا أيوبُ، إلى متى هذا البلاء؟ كلمةٌ واحدة ثم استغفرْ ربك فيغفر لك. فقال لها: فعلتِها أنتِ أيضًا؟ ثم قال لها: أما -واللهِ- لَئِن عافاني اللهُ لأجلدنَّك مائة جلدة. فقال: ربِّ، إن الشيطان مسني بنصب وعذاب. فأتاه جبريل، فقال له: {ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وشَرابٌ}. فرجع إليه حُسنُه وشبابُه، ثم جلس على تلٍّ مِن تراب، فجاءته امرأته بطعامه، فلم تر له أثرًا، فقالت لأيوب وهو على التل: يا عبد الله، هل رأيت مُبتلًى كان ههنا، أتدري ما فعل؟ فقال لها: إن رأيتِه تعرفينه؟ فدارت، فلم تره، فرجعت إليه، فقالت: يا عبد الله، هل رأيت مُبتلًى كان ههنا؟ فقال لها: إن رأيتِه تعرفينه؟ فقالت له: لعلك أنت هو؟ قال: نعم. فأوحى الله إليه: أن خذ بيدك ضغثًا فاضرب


(١) تفسير ابن أبي زمنين ٤/ ٩٣.
(٢) المذهب: اسم شيطان من ولد إبليس. التاج (ذهب).
(٣) أعطاه مَقادَته: انقاد له. تاج العروس (قود).

<<  <  ج: ص:  >  >>