للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦٧٤٠٧ - عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- في قوله: {والَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ} قال: هو جبريل، {وصَدَّقَ بِهِ} قال: هو النبي - صلى الله عليه وسلم - (١). (١٢/ ٦٦٢)

٦٧٤٠٨ - قال محمد بن السّائِب الكلبي -من طريق هارون- {والذي جاء بالصدق}: بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، والذي صدّق به: المؤمن (٢). (ز)

٦٧٤٠٩ - قال مقاتل بن سليمان: {والَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ} يعني: بالحق، وهو النبي - صلى الله عليه وسلم -، جاء بالتوحيد، {وصَدَّقَ بِهِ} يعني: بالتوحيد. المؤمنون صدّقوا بالذي جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم -، والمؤمنون أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فذلك قوله: {أُولَئِكَ هُمُ المُتَّقُونَ} (٣). (ز)

٦٧٤١٠ - قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: {والَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ}: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وصدّق به المسلمون (٤) [٥٦٣١]. (ز)


[٥٦٣١] اختُلف في معنى: {والَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وصَدَّقَ بِهِ} في هذه الآية على أقوال: الأول: الذي جاء بالصدق: رسول الله، والصدق الذي جاء به: لا إله إلا الله، والذي صدّق به أيضًا: هو رسول الله. الثاني: الذي جاء بالصدق: رسول الله، والذي صدَّق به: أبو بكر. الثالث: الذي جاء بالصِّدق: رسول الله، والصِّدق: القرآن، والمصدِّقون به: المؤمنون. الرابع: الذي جاء بالصِّدق: جبريل، والصِّدق: القرآن الذي جاء به من عند الله، وصدَّق به: رسول الله. الخامس: الذي جاء بالصِّدق: المؤمنون، والصدق: القرآن، وهم المصدِّقون به. السادس: الذين جاءوا بالصدق: الأنبياء، والذين صدَّقوا به: الأتباع. السابع: الذي جاء بالصِّدق: رسول الله، والذي صدَّق به: علي.
ورجَّح ابنُ جرير (٢٠/ ٢٠٦) مستندًا إلى دلالة السياق، والقراءات، وظاهر اللفظ: «أن يُقال: إنّ الله -تعالى ذِكْره- عنى بقوله: {والَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وصَدَّقَ بِهِ} كلَّ مَن دعا إلى توحيد الله، وتصديق رسوله، والعمل بما ابتُعِث به رسوله من بَيْن رسول الله وأتباعه والمؤمنين به. وأن يقال: الصدق هو القرآن، وشهادة أن لا إله إلا الله. والمصدِّق به: المؤمنون بالقرآن، مِن جميع خلْق الله كائنًا مَن كان مِن نبيِّ الله وأتباعه». وعلَّل ذلك بقوله: «لأنّ قوله -تعالى ذكره-: {والَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وصَدَّقَ بِهِ} عقيب قوله: {فَمَن أظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلى اللَّهِ وكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إذْ جاءَهُ}، وذلك ذمٌّ مِن الله المفتَرين عليه، المكذِّبين بتنزيله ووَحْيِه، الجاحدين وحدانيته، فالواجب أن يكون عقيب ذلك مدحُ مَن كان بخلاف صفة هؤلاء المذمومين، وهم الذين دعوهم إلى توحيد الله، ووصفه بالصفة التي هو بها، وتصديقهم بتنزيل الله ووحيه، والذين هم كانوا كذلك يوم نزلت هذه الآيةُ، رسول الله وأصحابه ومن بعدَهم، القائمون في كل عصر وزمان بالدعاء إلى توحيد الله، وحكم كتابه؛ لأن الله -تعالى ذِكْره- لم يَخُصَّ وصفه بهذه الصفة التي في هذه الآية على أشخاصٍ بعينهم، ولا على أهل زمان دون غيرهم، وإنما وصَفَهم بصفةٍ، ثم مدحهم بها، وهي المجيء بالصدق والتصديق به، فكلُّ من كان ذلك وصفه فهو داخلٌ في جملة هذه الآية إذا كان من بني آدم. ومن الدليل على صحة ما قلنا: أن ذلك كذلك في قراءة ابن مسعود: (والَّذِي جَآءُوا بِالصِّدْقِ وصَدَّقُوا بِهِ) فقد بُيِّنَ ذلك من قراءته، أن» الذي «من قوله: {والَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ} لم يُعْنَ بها واحدٌ بعينه، وأنه مرادٌ بها جِماعٌ ذلك صفتهم، ولكنها أُخرِجت بلفظ الواحد، إذ لم تكن موقَّتةً، ... ومما يؤيِّد ما قلنا أيضًا: قوله: {أُولَئِكَ هُمُ المُتَّقُونَ} فجُعِل الخبر عن» الذي «جماعًا؛ لأنها في معنى جِماعٍ».
وانتقد (٢٠/ ٢٠٧ - ٢٠٨) القول الثاني، والثالث، والرابع -مستندًا إلى مخالفة ظاهر اللفظ- قائلا: «وأما الذين قالوا: عُنِيَ بقوله: {وصَدَّقَ بِهِ} غيرُ» الذي جاء بالصِّدق «فقولٌ بعيدٌ من المفهوم؛ لأن ذلك لو كان كما قالوا لكان التنزيل: والذي جاء بالصِّدق والذي صدَّق به أولئك هم المتقون؛ فكانت تكون» الذي «مكررةً مع التصديق، ليكون المصدَّق غيرَ المصدِّق، فأما إذا لم يُكَرَّر فإن المفهوم من الكلام أن التصديق من صفة الذي جاء بالصدق، لا وجْه للكلام غيرُ ذلك».
وبنحوه قال ابنُ تيمية (٥/ ٣٩٦).
وذكر ابنُ عطية (٧/ ٣٩٤) أن «قوله تعالى: {والَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ} مُعادِلٌ لقوله: {فَمَن أظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلى اللهِ وكَذَّبَ بِالصِّدْقِ} فـ» مَن «هناك للجميع والعموم، و» الذي «هنا للجنس أيضًا، كأنه قال: والفريق الذي جاء بعضه بالصدق، وصدَّق به بعضُه». ثم رجَّحه مستندًا إلى دلالة العموم، وبيَّن أنه أصوب الأقوال، وأنه يستقيم اللفظ والمعنى على هذا الترتيب.
ورجَّح ابنُ تيمية (٥/ ٣٩٦ - ٣٩٧) العموم في معرض انتقاده لقول مجاهد من طريق ليث، فبيَّن أن «لفظ الآية عام مطلق لا يختص بأبي بكر ولا بعليّ، بل كل من دخل في عمومها دخل في حكمها. ولا ريب أن أبا بكر وعمر وعثمان وعليًّا أحق هذه الأمة بالدخول فيها، لكنها لا تختص بهم. وقد قال تعالى: {فَمَن أظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلى اللَّهِ وكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إذْ جاءَهُ ألَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكافِرِينَ والَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ المُتَّقُونَ} الآية، فقد ذمّ الله? الكاذب على الله والمكذّب بالصدق، وهذا ذمٌّ عامٌّ ... والله تعالى مدح الصادق فيما يجيء به والمصدّق بهذا الحق. فهذا مدح للنبي، ولكل من آمن به وبما جاء به ... ولما كان قوله: {والذي} صنفًا من الأصناف لا يُقصد به واحد بعينه، أعاد الضمير بصيغة الجمع فقال: {والَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ المُتَّقُونَ}».
وعلَّق ابنُ كثير (١٢/ ١٣٠) على القول الخامس -وهو قول مجاهد من طريق منصور- بقوله: «وهذا القول عن مجاهد يشمل كل المؤمنين، فإن المؤمن يقول الحق ويعمل به، والرسول أوْلى الناس بالدخول في هذه الآية على هذا التفسير، فإنه جاء بالصدق، وصدَّق المرسلين، وآمن بما أُنزِل إليه من ربه والمؤمنون، كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله».

<<  <  ج: ص:  >  >>