للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأخذوا مصافَّهم، ثم ينزلون على قَدْر ذلك مِن التضعيف إلى السماوات السبع، ثم ينزل الجبار {فِي ظُلَلٍ مِنَ الغَمامِ والمَلائِكَةُ} [البقرة: ٢١٠]، يحمل عرشه يومئذ ثمانية، وهم اليوم أربعة، أقدامهم على تُخُوم (١) الأرض السفلى، والأرضون والسماوات إلى حُجَزهم (٢)، والعرش على مناكبهم، لهم زَجَلٌ (٣) بالتسبيح فيقولون: سبحان ذي العِزّة والجبروت، سبحان ذي الملك والملكوت، سبحان الحيِّ الذي لا يموت، سبحان الذي يُميت الخلائق ولا يموت، سُبُّوحٌ قُدُّوس ربُّ الملائكة والروح، سبحان ربنا الأعلى الذي يميت الخلائق ولا يموت. فيضع عرشه حيث يشاء من الأرض، ثم يهتف بصوته فيقول: يا معشر الجن والإنس، إنِّي قد أنصَتُّ لكم منذ يوم خلقتكم إلى يومك هذا؛ أسمع قولكم، وأُبصر أعمالكم، فأنصِتوا لي، فإنما هي أعمالكم وصحفكم تُقرأ عليكم، فمَن وجد خيرًا فليحمد الله، ومَن وجد غير ذلك فلا يَلُومَنَّ إلا نفسه. ثم يأمر اللهُ جهنمَ، فيخرج منها عُنُق ساطِع مظلم، ثم يقول: {ألَمْ أعْهَدْ إلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ وأَنِ اعْبُدُونِي هَذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ} [يس: ٦٠ - ٦١]، {وامْتازُوا اليَوْمَ أيُّها المُجْرِمُونَ} [يس: ٥٩] فيَمِيز بين الناس، وتجثو الأمم، قال: {وتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إلى كِتابِها} [الجاثية: ٢٨]، ويقفون موقفًا واحدًا مقدار سبعين عامًا لا يُقضى بينهم، فيبكون حتى تنقطع الدموعُ، ويدمعون دمًا، ويعرقون عرقًا حتى يبلغ ذلك منهم أن يُلْجمهم العرق وأن يبلغ الأذقانَ منهم، فيصيحون ويقولون: مَن يشفع لنا إلى ربِّنا؛ فيقضي بيننا؟ فيقولون: ومَن أحقُّ بذلك مِن أبيكم آدم؟ فيطلبون ذلك إليه، فيأبى ويقول: ما أنا بصاحب ذلك. ثم يستقْرُون (٤) الأنبياء نبيًّا نبيًّا، كلما جاءوا نبيًّا أبى عليهم». قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «حتى يأتوني، فأنطلِق حتى آتي الفَحْص، فأخرّ ساجدًا». قال: أبو هريرة: يا رسول الله، وما الفَحْص؟ قال: «قُدام العرش، حتى يبعث الله إلَيَّ ملَكًا، فيأخذ بعَضُدي، فيرفعني، فيقول لي: يا محمد. فأقول: نعم، يا ربِّ. ما شأنك؟ -وهو أعلم بي- فأقول: يا ربِّ، وعدتني الشفاعة؛ فشفِّعني في خلقك، فاقْضِ بينهم. قال: قد شفّعتُك، وأقضي بينهم». قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «فأرجع، فأقف مع الناس، فيقضي الله بين


(١) أي: مَعالِمها وحدودها، واحدُها تُخْم. النهاية (تخم).
(٢) أصل الحُجْزَة: موضع شَدِّ الإزار. النهاية (حجز).
(٣) أي: صوت رفيع عال. النهاية (زجل).
(٤) قرا الأمر واقتراه واستقراه: تتبعه. لسان العرب (قرا).

<<  <  ج: ص:  >  >>