للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيُطلب ذلك إليه، فيذكر ذنبًا، ويقول: ما أنا بصاحب ذلك، ولكن عليكم بروح الله وكلمته، عيسى ابن مريم. فيؤتى عيسى ابن مريم، فيُطلب ذلك إليه، فيقول: ما أنا بصاحب ذلك، ولكن عليكم بمحمد - صلى الله عليه وسلم -». قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «فيأتوني، ولي عند ربي ثلاث شفاعات وعدنيهن، فأنطلق حتى آتيَ باب الجنة، فآخذ بحلقة الباب، فاستفتح، فيُفتح لي، فأخرّ ساجدًا، فيأذن لي من حمده وتمجيده بشيء ما أذن به لأحد من خلْقه، ثم يقول: ارفع رأسك، يا محمد، اشفع تُشفّع، وسل تُعطه. فإذا رفعتُ رأسي قال لي -وهو أعلم-: ما شأنك؟ فأقول: يا رب، وعدتني الشفاعة؛ فشَفِّعْني. فأقول: يا رب، مَن وقع في النار مِن أمتي. فيقول الله: أخْرِجوا مَن عرفتم صورته. فيخرج أولئك حتى لا يبقى منهم أحد، ثم يأذن الله في الشفاعة، فلا يبقى نبيٌّ ولا شهيدٌ إلا شفع، فيقول الله: أخرِجوا مَن وجدتم في قلبه زِنة دينار مِن خير. فيخرج أولئك حتى لا يبقى منهم أحدٌ، ثم يشفع الله، فيقول: أخرِجوا مَن وجدتم في قلبه زِنَة ثلثي دينار. ثم يقول: نصف دينار. ثم يقول: ثلث دينار. ثم يقول: ربع دينار. ثم يقول: قيراط. ثم يقول: مثقال حبة. فيخرج أولئك حتى لا يبقى منهم أحدٌ، وحتى لا يبقى في النار مَن عمل خيرًا قط، ولا يبقى أحدٌ له شفاعة إلا شُفِّع، حتى إنّ إبليس لَيتطاولُ لِما يرى مِن رَحْمَة اللَّه رجاءَ أن يُشفع له، ثم يقول الله: بقيتُ وأنا أرحم الراحمين. فيقبض قبضةً، فيخرج منها ما لا يحصيه غيره، فيبثّهم على نهرٍ يُقال له: نهر الحيوان، فينبتون فيه كما تنبت الحِبَّةُ (١) في حَمِيلِ السَّيْلِ (٢)، فما يلي الشمس أُخَيْضِر، وما يلي الظِّل أُصَيْفِر، فينبتون كالذَّرّ، مكتوب في رقابهم: الجهنميون عتقاء الرحمن. لم يعملوا لله خيرًا قط -يقول: مع التوحيد-، فيمكثون في الجنة ما شاء الله وذلك الكتاب في رقابهم، ثم يقولون: يا ربنا، امحُ عنا هذا الكتاب. فيمحوه عنهم» (٣). (١٢/ ٧١٢)


(١) الحِبَّة -بكسر الحاء-: بذور البقول وحب الرياحين. وقيل: هو نبت صغير ينبت في الحشيش. النهاية (حبب)، وصحيح مسلم بشرح النووي ٣/ ٢٣.
(٢) حميل السيل: هو ما يجيء به السيل مِن طين أو غثاء وغيره، فعيل بمعنى مفعول، فإذا اتفقت فيه حبة واستقرت على شط مجرى السيل فإنها تنبت في يوم وليلة. فشبه بها سرعة عود أبدانهم وأجسامهم إليهم بعد إحراق النار لهم. النهاية (حمل).
(٣) أخرجه ابن أبي الدنيا في الأهوال ص ٣٩ - ٤٥ (٥٥)، والطبراني في الأحاديث الطوال ص ٢٦٦ - ٢٦٨ (٣٦)، وابن جرير ١٥/ ٤١٩، ١٦/ ٤٤٧ - ٤٤٩، ١٨/ ١٣٢ - ١٣٤، ١٩/ ٤٥١ - ٤٥٢، ٢٠/ ٣٣، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٢٨ - ٢٩٣١ (١٦٦٢١، ١٦٦٢٧ - ١٦٦٢٩)، والثعلبي ٧/ ٢٢٧ - ٢٢٩.
قال ابن جرير ١٦/ ٤٤٧: «خبر في إسناده نظر». وقال الثعلبي: «صحيح». وقال ابن كثير في تفسيره ٣/ ٢٨٧ - ٢٨٨: «هذا حديث مشهور، وهو غريب جدًّا، ولبعضه شواهد في الأحاديث المتفرقة، وفي بعض ألفاظه نكارة. تفرّد به إسماعيل بن رافع قاص أهل المدينة، وقد اختُلف فيه؛ فمنهم مَن وثّقه، ومنهم مَن ضعّفه، ونصّ على نكارة حديثه غير واحد من الأئمة؛ كأحمد بن حنبل، وأبي حاتم الرازي، وعمرو بن علي الفلاس، ومنهم مَن قال فيه: هو متروك. وقال ابن عدي: أحاديثه كلها فيها نظر، إلا أنه يُكتب حديثه في جملة الضعفاء. قلت: وقد اختُلف عليه في إسناد هذا الحديث على وجوهٍ كثيرة». وقال ابن حجر في الفتح ١١/ ٣٦٩: «وقد صحّح الحديث من طريق إسماعيل بن رافع القاضي أبو بكر بن العربي في سراجه، وتبعه القرطبي في التذكرة، وقول عبد الحق في تضعيفه أولى، وضعّفه قبله البيهقي».

<<  <  ج: ص:  >  >>