للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَزَلَّةٌ (١)، فيمرّون كطرْف العين، وكلمْح البرق، وكمرِّ الريح، وكجياد الخيل، وكجياد الركاب، وكجياد الرجال؛ فناجٍ سالم، وناجٍ مخدوش، ومَكْدُوشٌ (٢) على وجهه في جهنم، فإذا أفضى أهلُ الجنة إلى الجنة فدخلوها، فوالذي بعثني بالحق، ما أنتم في الدنيا بأعرف بأزواجكم ومساكنكم مِن أهل الجنة بأزواجهم ومساكنهم إذا دخلوا الجنة، فيدخل كلُّ رجل منهم على اثنتين وسبعين زوجة مِمّا ينشئ الله في الجنة، واثنتين آدميتين مِن ولد آدم لهما فضلٌ على مَن أنشأ الله؛ لعبادتهما في الدنيا، فيدخل على الأولى منهنَّ في غُرفة مِن ياقوتة، على سرير من ذهب، مُكلّل باللؤلؤ، عليه سبعون زوجًا مِن سُندس وإستبرق، ثم إنه يضع يده بين كتفيها، فينظر إلى يدها مِن صدرها، ومن وراء ثيابها وجلدها ولحمها، وإنه لينظر إلى مُخِّ ساقها كما ينظر أحدُكم إلى السلك في الياقوتة، كبدها له مرآة، وكبده لها مرآة، فبينما هو عندها لا يملُّها ولا تملّه، ولا يأتيها مرة إلا وجدها عذراء، لا يفتران ولا يألمان، فبينما هو كذلك إذ نُودِي فيُقال له: إنّا قد عرفنا أنك لا تَمَلّ ولا تُملّ، وإنّ لك أزواجًا غيرها. فيخرج فيأتيهنَّ واحدة واحدة، كلما جاء واحدةً قالت له: واللهِ، ما أرى في الجنة شيئًا أحسن منك، ولا شيئًا في الجنة أحب إلَيَّ منك. قال: وإذا وقع أهلُ النار في النار وقع فيها خَلْق مِن خَلْق الله، أوْبقَتهم أعمالهم، فمنهم مَن تأخذه النار إلى ركبتيه، ومنهم مَن تأخذه النار إلى حَقْوَيه (٣)، ومنهم من تأخذه النار في جسده كله إلا وجهه؛ حرّم الله صورهم على النار، فينادون في النار فيقولون: مَن يشفع لنا إلى ربنا حتى يُخرجنا مِن النار؟ فيقولون: ومَن أحقُّ بذلك مِن أبيكم آدم؟! فينطلق المؤمنون إلى آدم، فيقولون: خلقك اللهُ بيده، ونَفخَ فيك مِن روحه، وكلّمك قِبَلًا (٤). فيذكر آدمُ ذنبَه، فيقول: ما أنا بصاحب ذلك، ولكن عليكم بنوح؛ فإنّه أول رسل الله. فيؤتى نوح، ويُطلب ذلك إليه، فيذكر ذنبًا، ويقول: ما أنا بصاحب ذلك، ولكن عليكم بإبراهيم؛ فإنّ الله اتخذه خليلًا. فيؤتى إبراهيم، فيُطلب ذلك إليه، فيذكر ذنبًا، فيقول: ما أنا بصاحب ذلك، ولكن عليكم بموسى؛ فإن الله قرّبه نجيًّا وكلّمه، وأنزل عليه التوراة. فيؤتى موسى،


(١) المزلة: أراد أنه تزلق عليه الأقدام ولا تثبت. النهاية (زلل).
(٢) قال ابن الأثير: "مكدوس مدفوع، وتَكَدَّس الإنسان إذا دُفِع مِنْ ورائه فسقط، ويروى بالشين المعجمة، من الكَدْش. وهو السوق الشديد. والكدش: الطرد والجرح أيضًا". النهاية (كدس).
(٣) الحَقْوُ: معقد الإزار، وسمي به الإزار للمجاورة. النهاية (حقا).
(٤) قِبَلًا: عيانًا ومقابلة. النهاية (قبل).

<<  <  ج: ص:  >  >>