قَدِم مكة، فوجد إبراهيمَ وإسماعيلَ يبنيان قواعد البيت من خمسة أجْبُل، فقال: ما لَكُما ولِأَرْضِي؟! فقالا: نحن عبدان مأموران، أُمِرْنا ببناء هذه الكعبة. قال: فهاتا بالبيِّنة على ما تَدَّعِيان. فقامت خمسة أكْبُش، فقُلْنَ: نحن نشهد أنّ إسماعيل وإبراهيم عبدان مأموران، أُمِرا ببناء هذه الكعبة. فقال: قد رَضِيتُ وسَلَّمْتُ. ثم مضى (١)[٥١٠]. (١/ ٦٦٢)
٣٩٠٨ - عن حَوْشَب بن عَقِيل، قال: سألتُ محمد بن عَبّاد بن جعفر: متى كان البيت؟ قال: خُلِقَت الأشهر له. قلتُ: كم كان طول بناء إبراهيم؟ قال: ثمانية عشر ذراعًا. قلتُ: كم هو اليوم؟ قال: ستة وعشرون ذراعًا. قلتُ: هل بقي مِن حجارة بناء إبراهيم شيء؟ قال: حُشِي به البيت إلّا حجرين مما يَلِي الحجر (٢). (ز)
٣٩٠٩ - قال محمد بن السائب الكلبي: بعث الله سحابةً بقدر البيت، فقامت بحِيال البيت، وفيها رأسٌ يتكلم: يا إبراهيم، ابنِ على قَدْرِي. فبنى عليه (٣). (ز)
٣٩١٠ - عن محمد بن إسحاق -من طريق عثمان بن ساج- قال: لَمّا أُمِر إبراهيمُ خليلُ الله تعالى أن يبنيَ البيت الحرام أقبل من أرْمِينِيَةَ على البُراق، معه السكينة، لها وجه يتكلم، وهي بعدُ ريح هَفّافَةٌ، ومعه مَلَكٌ يدلُّه على موضع البيت، حتى انتهى إلى مكة، وبها إسماعيل، وهو يومئذ ابن عشرين سنة، وقد تُوُفِّيَت أمه قبل ذلك، ودُفِنت في موضع الحِجْر، فقال: يا إسماعيل، إنّ الله تعالى قد أمرني أن أبني له بيتًا. فقال له إسماعيل: وأين موضعه؟ قال: فأشار له الملَكُ إلى موضع البيت، قال: فقاما يحفران عن القواعد، ليس معهما غيرهما، فبلغ إبراهيم الأساسَ؛ أساسَ آدم الأول، فحفر عن رَبَضِ في البيت، فوجد حِجارةً عِظامًا، ما يُطِيق الحجر منها ثلاثون رجلًا، ثم بنى على أساس آدم الأول، وتَطَوَّقت السكينةُ كأنها حيَّة على الأساس الأول، وقالت: يا إبراهيم، ابنِ عَلَيَّ. فبنى عليها، فلذلك لا يطوف بالبيت أعرابيٌّ نافِر ولا جَبّار إلا رأيت عليه السكينة. فبنى البيت، وجعل طوله في السماء تسعة أذرع، وعرضه في الأرض اثنين وثلاثين ذراعًا، من الركن الأسود إلى الركن
[٥١٠] علَّق ابن كثير (١/ ٤٣٩) على هذا الأثر، وما ذكره الأزْرَقي في تاريخ مكة من أنّ ذا القرنين طاف مع إبراهيم - عليه السلام - بالبيت بقوله: «وهذا يدل على تَقَدُّم زمانه».