للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فرَّق جماعتنا، وشتَّتَ أمرنا، وعاب ديننا، فليكلّمه، ولينظر ماذا يردّ عليه؟ فقالوا: ما نعلم أحدًا غير عُتبة بن ربيعة. قالوا: أنت، يا أبا الوليد. فأتاه، فقال: يا محمد، أنت خير أم عبد الله؟ أنت خير أم عبد المطلب؟ فسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: فإن كنتَ تزعم أنّ هؤلاء خيرٌ منك فقد عبدوا الآلهة التي عِبتَ، وإن كنتَ تزعم أنّك خير منهم فتكلّم حتى نسمع قولك، أما -واللهِ- ما رأينا سَخْلَةً (١) قطّ أشأم على قومك منك؛ فرّقتَ جماعتنا، وشتّتَ أمرنا، وعِبتَ ديننا، وفضَحْتنا في العرب، حتى لقد طار فيهم أنّ في قريش ساحرًا، وأنّ في قريش كاهنًا، واللهِ، ما ننتظر إلا مثل صيحة الحُبلى أن يقوم بعضنا إلى بعض بالسيوف، يا أيها الرجل، إن كان إنّما بك الحاجةُ جمعنا لك حتى تكون أغنى قريش رجلًا واحدًا، وإن كان إنّما بك الباءة فاختر أيَّ نساء قريش شئتَ، فلنَزوّجك عشرًا. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «فرغتَ؟». قال: نعم. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «بسم الله الرحمن الرحيم {حم تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}» حتى بلغ: «{فَإنْ أعْرَضُوا فَقُلْ أنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وثَمُودَ}». فقال عُتبة: حسْبك حسْبك، ما عندك غير هذا؟ قال: «لا». فرجع إلى قريش، فقالوا: ما وراءك؟ قال: ما تركتُ شيئًا أرى أنكم تكلّمونه إلا كلّمتُه. قالوا: فهل أجابك؟ قال: والذي نَصَبها بَنِيَّةً (٢)، ما فهمتُ شيئًا مما قال، غير أنه أنذركم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود. قالوا: ويلك! يكلّمك الرجل بالعربية ولا تدري ما قال! قال: لا، واللهِ، ما فهمتُ شيئًا مما قال غير ذكر الصاعقة (٣). (١٣/ ٧٨)

٦٨٢٨٧ - عن محمد بن كعب القُرَظي -من طريق يزيد بن زياد- قال: حُدِّثت: أنّ عُتبة بن ربيعة -وكان سيّدًا حليمًا- قال ذات يوم وهو جالس في نادي قريش، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس وحده في المسجد: يا معشر قريش، ألا أقوم إلى هذا


(١) السخل: المولود المحبب إلى أبويه. النهاية (سخل).
(٢) يريد: الكعبة. لسان العرب (بني).
(٣) أخرجه الحاكم ٢/ ٢٧٨ (٣٠٠٢)، وابن أبي شيبة ٧/ ٣٣٠ - ٣٣١ (٣٦٥٦٠) واللفظ له، من طرق، عن الأجلح بن عبد الله الكندي، عن الذيال بن حرملة، عن جابر به.
قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه». وقال ابن كثير في تفسيره ٧/ ١٦٢ عن الأجلح: «وقد ضُعِّف بعض الشيء». وقال الزيلعي في تخريج أحاديث الكشاف ٣/ ٢٢٩: «هذا إسناد صالح». وقال الهيثمي في المجمع ٦/ ٢٠ (٩٨٢٤): «رواه أبو يعلى، وفيه الأجلح الكندي، وثّقه ابن معين وغيره، وضعّفه النسائي وغيره، وباقي رجاله ثقات».

<<  <  ج: ص:  >  >>