للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فأكلّمه، فأَعْرِضَ عليه أمورًا، لعله أن يقبل منها بعضَها، ويكفّ عنا؟ قالوا: بلى، يا أبا الوليد. فقام عُتبة حتى جلس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكر الحديث فيما قال له عُتبة، وفيما عرَض عليه مِن المال والملك وغير ذلك، حتى إذا فرغ عُتبةُ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أفرغتَ، يا أبا الوليد؟». قال: نعم. قال: «فاسمع مِنِّي». قال: أفعل. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «بسم الله الرحمن الرحيم {حم تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}». فمضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقرأها عليه، فلما سمعها عُتبةُ أنصتَ لها، وألقى بيديه خلف ظهره معتمدًا عليهما يستمع منه، حتى انتهى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى السجدة، فسجد فيها، ثم قال: «سمعتَ، يا أبا الوليد؟». قال: سمعتُ. قال: فأنت وذاك. فقام عُتبةُ إلى أصحابه، فقال بعضهم لبعض: نحلف بالله لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به. فلما جلس إليهم قالوا: ما وراءك، يا أبا الوليد؟ قال: واللهِ، إنِّي قد سمعتُ قولًا ما سمعتُ بمثله قط، واللهِ، ما هو بالشِّعر ولا السِّحر ولا الكهانة، واللهِ، ليكونن لقوله الذي سمعتُ نبأً (١) [٥٧٢٢]. (١٣/ ٧٩)

٦٨٢٨٨ - عن حُمَيْدِ بن مَنهَب، قال: بلغ معاويةَ أنّ ابنَ الزبير يشتم أبا سفيان، قال: بئس -لَعَمْرُ اللهِ- ما يقول في عمّه، لكني لا أقول في أبي عبد الله إلا خيرًا، رحمة الله عليه، إن كان لامرءًا صالحًا، خرج أبو سفيان إلى باديةٍ له مُردفًا هندًا، وخرجتُ أسيرُ أمامها وأنا غلامٌ على حِمارة لي، إذ لحقنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال أبو سفيان: انزل، يا معاوية، حتى يركب محمد. فنزلتُ عن الحمارة، فركبها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسار أمامهما هُنَيْهَةً، ثم التفتَ إليهما، فقال: «يا أبا سفيان بن حرب، ويا هند بنت عُتبة، واللهِ، لتمُوتُنّ، ثم لتُبعثُنّ، ثم ليدخلنّ المحسن الجنة، والمسيء النار، وإن ما أقول لكم حق، وإنكم أول من أُنذر». ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {حم تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} حتى بلغ: {قالَتا أتَيْنا طائِعِينَ} [فصلت: ١ - ١١]. فقال له أبو سفيان: أفرغتَ، يا محمد؟ قال: «نعم». ونزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن


[٥٧٢٢] ذكر ابن كثير (١٢/ ٢١٨) أن هذا السياق هو أشبه من سياق ابن أبي شيبة الوارد في أثر جابر الثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>