للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فأجابوه بالتلبية: لبيك اللهم لبيك. وأَتاه من أتاه، فأمره الله أن يخرج إلى عرفات، ونعتها، فخرج، فلَمّا بلغ الشجرة عند العقبة استقبله الشيطان، فَرَدَّه، فرماه بسبع حَصَيات، يُكَبِّر مع كل حَصاة، فطار، فوقع على الجمرة الثانية أيضًا، فصَدَّه، فرماه، وكَبَّر، فطار فوقع على الجمرة الثالثة، فرماه، وكَبَّر، فلما رأى أنه لا يطيقه، ولم يدرِ إبراهيم أين يذهب؛ انطلق حتى أتى ذا المَجاز، فلَمّا نظر إليه فلم يَعْرِفْه جازَ، فلذلك سُمِّي: ذا المجاز. ثم انطلق حتى وقع بعرفات، فلما نظر إليها عرف النعت، قال: قد عرفتُ. فسُمِّيَت: عرفات. فوقف إبراهيم بعرفات، حتى إذا أمسى ازْدَلَف إلى جَمْع، فسميت: المزدلفة. فوقف بجَمْع، ثم أقبل حتى أتى الشيطان حيث لقيه أول مرة، فرماه بسبع حصيات سبع مرات، ثم أقام بمنى حتى فرغ من الحجِّ وأَمْرِه، وذلك قوله: {وأرنا مناسكنا} (١). (ز)

٣٩٤٤ - قال مقاتل بن سليمان: {ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا} يعني: علِّمنا مناسكنا، نظيرها: {بما أراك الله} [النساء: ١٠٥]، يعني: بما علَّمك الله، ونظيرها: {ولما يعلم الله} [آل عمران: ١٤٢، التوبة: ١٦]، يعني: يرى الله، ونظيرها أيضًا: {ويرى الذين أوتوا العلم} [سبأ: ٦] يعني: ويعلم، ونظيرها: {فليعلمن الله الذين صدقوا}، يعني: ولَيَرَيَنَّ الله، {وليعلمن الكاذبين} [العنكبوت: ٣]، يعني: ويرى. {أرنا مناسكنا} فنصلي لك، {وتب علينا} يعني إبراهيم وإسماعيل: أنفسَهما، {إنك أنت التواب الرحيم} ففعل الله - عز وجل - ذلك به، فنزل جبريل - عليه السلام -، فانطلق بإبراهيم - صلى الله عليه وسلم - إلى عرفات وإلى المشاعر لِيُرِيَه ويعلمه كيف يسأل ربه، فلما أراه الله المناسك والمشاعر علم أنّ الله - عز وجل - سيجعل في ذريتهما أمة مسلمة (٢). (ز)

٣٩٤٥ - عن زُهَيْر بن محمد -من طريق عثمان بن ساجٍ- قال: لَمّا فرغ إبراهيم من البيت الحرام قال: أيْ ربِّ، قد فعلتُ، فأرِنا مناسكنا. فبعث الله إليه جبريل، فحج به، حتى إذا جاء يوم النحر عرض له إبليس، فقال: احصِبْ. فحَصَب سبع حصيات، ثم الغد، ثم اليوم الثالث، فملأ ما بين الجبلين، ثم علا على ثَبِير، فقال: يا عباد الله، أجيبوا ربكم. فسمع دعوتَه مَن بين الأبحر مِمَّن في قلبه مثقال ذرة من إيمان، قالوا: لبيك اللهم لبيك. قال: ولم يزل على وجه الأرض سبعة مسلمون فصاعدًا، ولولا ذلك لأُهلكت الأرض ومَن عليها. قال: وأول مَن أجاب إبراهيم


(١) أخرجه ابن جرير ٢/ ٥٦٧.
(٢) تفسير مقاتل بن سليمان ١/ ١٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>