٧٠٠٩٨ - عن ابن عباس، قال: سألتُ كعبًا عن تُبّع؛ فإني أسمع الله يذكر في القرآن قوم تُبّع، ولا يذكر تُبّعًا؟ فقال: إنّ تُبَّعًا كان رجلًا مِن أهل اليمن ملِكًا منصورًا، فسار بالجيوش حتى انتهى إلى سمرقند، ورجع، فأخذ طريق الشام، فأسَرَ بها أحبارًا، فانطلق بهم نحو اليمن، حتى إذا دنا من مكة طار في الناس أنّه هادم الكعبة، فقال له الأحبار: ما هذا الذي تحدّثُ به نفسك؟! فإنّ هذا البيت لله، وإنك لن تُسلّط عليه. فقال: إنّ هذا لله، وأنا أحقّ مَن حرّمه. فأسلم مِن مكانه، وأحرم، فدخلها مُحرِمًا، فقضى نُسكه، ثم انصرف نحو اليمن راجعًا حتى قدم على قومه، فدخل عليه أشرافهم، فقالوا: يا تُبّع، أنت سيّدنا وابن سيّدنا، خرجتَ مِن عندنا على دين وجئتَ على غيره، فاختر مِنّا أحد أمرين؛ إما أن تخلّيَنا وملكنا وتعبد ما شئت، وإما أنْ تذَر دينك الذي أحدثتَ. وبينهم يومئذ نارٌ تنزل من السماء، فقال الأحبار عند ذلك: اجعل بينك وبينهم النار. فتواعد القوم جميعًا على أن جعلوا بينهم النار، فجيء بالأحبار وكُتبهم، وجيء بالأصنام وعمّالها، وقدموا جميعًا إلى النار، وقامت الرجال خلفهم بالسيوف، فهَدَرَتِ النار هديرَ الرّعد، ورمتْ شعاعًا لها، فنكص أصحاب الأصنام، وأقبَلَت النار فأحرَقتِ الأصنام وعمّالها، وسَلِم الآخرون، فأسلم قوم، واستسلم قوم، فلبثوا بعد ذلك عُمر تُبّع، حتى إذا نزل بتُبّع الموت استخلف أخاه، وهلك، فقُتل أخوه، وكفروا صفقة واحدة (١). (١٣/ ٢٨٠)
٧٠٠٩٩ - عن عبد الله بن عباس -من طريق عكرمة- قالوا: كان تُبّع الآخر -وهو أسعد أبو كرب بن مليك- جاء بكرب حين أقبل من المشرق، وجعل طريقه على المدينة، وقد كان حين مرّ بها خلَّف بين أظهرهم ابنًا له، فقُتِل غِيلةً، فقدمها وهو مُجمع لإخرابها واستئصال أهلها، فجمع له هذا الحي من الأنصار حين سمعوا ذلك مِن أمره، فخرجوا لقتاله، وكان الأنصار يُقاتلونه بالنهار، ويُقْرُونه بالليل، فأعجبه ذلك، وقال: إنّ هؤلاء لَكرام. إذ جاءه حَبران -اسمهما: كعب وأسد، من أحبار بني قريظة، عالمان، وكانا ابني عم- حين سمِعا ما يريد مِن إهلاك المدينة وأهلها، فقالا له: أيّها الملك، لا تفعل، فإنّك إنْ أبيت إلا ما تريد حِيل بينك وبينها، ولم نأمن عليك عاجلَ العقوبة، فإنها مُهاجر نبي يخرج من هذا الحي مِن قريش اسمه: محمد، مولده مكة، وهذه دار هجرته، ومنزلك الذي أنت به يكون به مِن القتل
(١) أخرجه ابن عساكر ١١/ ٨ - ٩. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر.