للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والجراح أمرٌ كبير في أصحابه، وفي عدوّهم. قال تُبّع: مَن يقاتله وهو نبي؟ قالا: يسير إليه قومُه، فيقتلون ها هنا. فتناهى لقولهما عمّا كان يريد بالمدينة، ثم إنّهما دعَواه إلى دينهما، فأجابهما، واتّبعهما على دينهما، وأكرمهما، وانصرف عن المدينة، وخرج بهما، ونفر مِن اليهود عامدين إلى اليمن، فأتاه في الطريق نفرٌ مِن هُذَيل، وقالوا: إنّا نَدُلُّك على بيتٍ فيه كنز مِن لؤلؤ وزبرْجد وفِضّة، قال: أيّ بيت؟ قالوا: بيت بمكة. وإنما تريد هُذيل هلاكه؛ لأنهم عرفوا أنه لم يُرده أحدٌ قطُّ بسُوء إلا هَلك، فذكر ذلك للأحبار، فقالوا: ما نعلم لله في الأرض بيتًا غير هذا البيت، فاتخِذه مسجدًا، وانسك عنده، وانْحر، واحْلق رأسك، وما أراد القومُ إلا هلاكك؛ لأنه ما ناوأهم أحدٌ قطّ إلا هلك، فأكْرِمه، واصنع عنده ما يصنع أهله. فلما قالوا له ذلك أخذ النّفر مِن هُذيل، فقطع أيديهم وأرجلهم، وسَمَلَ (١) أعينهم، ثم صَلَبهم، فلما قدم مكة نزل الشِّعب شِعب البطائح، وكسا البيت الوَصائِلَ (٢)، وهو أول مَن كسا البيت، ونحر بالشّعب ستة آلاف بدنة، وأقام به ستة أيام، وطاف به، وحَلق، وانصرف، فلما دنا من اليمن ليدخلها حالت حِمْيَر بين ذلك وبينه، قالوا: لا تدخل علينا وقد فارقتَ ديننا. فدعاهم إلى دينه، وقال: إنّه دينٌ خير من دينكم. قالوا: فحاكِمنا إلى النار. وكانت باليمن نارٌ في أسفل جبلٍ يتحاكمون إليها فيما يختلفون فيه، فتأكل الظالم ولا تضرّ المظلوم، فقال تُبّع: أنصَفْتم. فخرج القومُ بأوثانهم وما يتقربّون به في دينهم، وخرج الحَبران بمصاحفهما في أعناقهما، حتى قعدوا للنار عند مخرجها الذي تخرج منه، فخرجت النارُ، فأقبلتْ حتى غشِيَتهم، فأكلت الأوثان وما قرّبوا معها، ومَن حمل ذلك مِن رجال حِمْيَر، وخرج الحبران بمصاحفهما في أعناقهما، يتلوان التوراة، تعرق جباههما لم تضرهما، ونكصت النار حتى رَجعتْ إلى مخرجها الذي خَرجتْ منه، فأصفقت عند ذلك حِمْيَر على دينهما، فمِن هُنالك كان أصل اليهودية في اليمن (٣). (ز)

٧٠١٠٠ - عن إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله -من طريق أبي مالك بن ثعلبة القرظي-: أنّ تُبَّعًا لما دنا مِن اليمن ليدخلها حالت حِمير بينه وبين ذلك ... ، نحوه (٤). (ز)


(١) أي: فَقَأها بحديدة مُحْماة أو غيرها. النهاية (سمل).
(٢) ثِياب حُمْرٌ مُخْطَّطة يمانية. النهاية (وصل).
(٣) تفسير البغوي ٧/ ٢٣٣ - ٢٣٤.
(٤) أخرجه ابن جرير ٢١/ ٤١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>