{لِيُدْخِلَ المُؤْمِنِينَ والمُؤْمِناتِ جَنّاتٍ}[الفتح: ٥]؛ فأعلم الله سبحانه نبيّه ما يُفعَل به وبالمؤمنين جميعًا (١)[٥٩٦٥]. (١٣/ ٣١٢)
٧٠٤٢٢ - عن الحسن البصري، قال: لَمّا نزلت هذه الآية: {وما أدْرِي ما يُفْعَلُ بِي ولا بِكُمْ} عَمِل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الخوف زمانًا، فلما نزلت:{إنّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وما تَأَخَّرَ}[الفتح: ١ - ٢] اجتهد، فقيل له: تُجهد نفسك وقد غفر اللهُ لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخر؟! قال: أفلا أكون عبدًا شكورًا (٢). (١٣/ ٣١٥)
٧٠٤٢٣ - عن الحسن البصري -من طريق أبي بكر الهُذلي- في قوله:{وما أدْرِي ما يُفْعَلُ بِي ولا بِكُمْ} قال: أما في الآخرة فمعاذ الله؛ قد عَلِم أنّه في الجنة حين أخذ ميثاقه في الرسل، ولكن:{وما أدْرِي ما يُفْعَلُ بِي ولا بِكُمْ} في الدنيا؛ أُخرَج كما أُخرِجت الأنبياء مِن قبلي، أم أُقتَل كما قُتلَت الأنبياء من قبلي، {ولا بِكُمْ} أُمّتي المكذّبة، أم أُمّتي المصدّقة، أم أُمّتي المرميّة بالحجارة من السماء قذْفًا، أم مخسوف بها خسْفًا. ثم أوحي إليه:{وإذْ قُلْنا لَكَ إنَّ رَبَّكَ أحاطَ بِالنّاسِ}[الإسراء: ٦٠]، يقول: أحطتُ لك بالعرب ألا يقتلوك. فعرف أنه لا يُقتَل، ثم أنزل الله:{هُوَ الَّذِي أرْسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدى ودِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلى الدِّينِ كُلِّهِ وكَفى بِاللَّهِ شَهِيدًا}[الفتح: ٢٨]، يقول: أشْهَدَ لك على نفسه أنه سيُظهِر دينك على الأديان. ثم قال له في أمته:{وما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وأَنْتَ فِيهِمْ وما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}[الأنفال: ٣٣].
[٥٩٦٥] ذكر ابنُ عطية (٧/ ٦١٣) أن ما جاء في حديث عثمان بن مظعون الوارد في الآثار المتعلقة بالآية يُؤَيِّد هذا القول الذي قاله ابن عباس، وأنس، وعكرمة، وقتادة، والحسن، ومقاتل، وهو قوله: «فواللهِ، ما أدري وأنا رسول الله ما يُفعل بي». وبيّن أنه على الرواية التي تقول: «ما يُفعل به» فلا حجة للقول في الحديث. ثم علَّق بقوله: «والمعنى عندي في هذا القول: أنه لم تُكشف له الخاتمة، فقال: «لا أدري». وأمّا من وافى على الإيمان فقد أُعلِم بنجاته مِن أول الرسالة، وإلا فكان للكفار أن يقولوا: وكيف تدعونا إلى ما لا تدري له عاقبة؟».