ورجَّح ابن جرير (٢١/ ١٢٣ - ١٢٤) -مستندًا إلى السياق- القولَ الأخير الذي قاله الحسن من طريق أبي بكر الهذلي. وانتقد -مستندًا لمخالفته الدلالة العقلية- القول الأول، فقال: «لأن الخطاب من مبتدأ هذه السورة إلى هذه الآية، والخبر خرج من الله - عز وجل - خطابًا للمشركين، وخبرًا عنهم، وتوبيخًا لهم، واحتجاجًا من الله -تعالى ذكره- لنبيّه - صلى الله عليه وسلم -؛ فإذا كان ذلك كذلك فمعلوم أن هذه الآية أيضًا سبيلها سبيل ما قبلها وما بعدها في أنها احتجاج عليهم، وتوبيخ لهم، أو خبر عنهم. وإذا كان ذلك كذلك فمحال أن يقال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: قل للمشركين: ما أدري ما يُفعل بي ولا بكم في الآخرة. وآيات كتاب الله - عز وجل - في تنزيله ووحيه إليه متتابعة بأن المشركين في النار مُخلّدون، والمؤمنون به في الجنان مُنعَّمون، وبذلك يُرهبهم مرة، ويرغّبهم أخرى، ولو قال لهم ذلك لقالوا له: فعلام نتّبعك إذن وأنت لا تدري إلى أيِّ حال تصير غدًا في القيامة؛ إلى خفْض ودَعة، أم إلى شدّة وعذاب! وإنما اتّباعنا إياك إن اتبعناك، وتصديقنا بما تدعونا إليه، رغبة في نعمة، وكرامة نصيبها، أو رهبة من عقوبة، وعذاب نهرب منه». وعلَّق ابنُ كثير (١٣/ ٩) على القول الأخير بقوله: «هذا القول هو الذي عوّل عليه ابن جرير، وأنه لا يجوز غيره، ولا شكّ أن هذا هو اللائق به - صلى الله عليه وسلم -؛ فإنه بالنسبة إلى الآخرة جازم أنه يصير إلى الجنة هو ومن اتّبعه، وأما في الدنيا فلم يدرِ ما كان يؤول إليه أمره وأمر مشركي قريش إلى ماذا: أيؤمنون أم يكفرون، فيُعذَّبون فيُستَأصلون بكفرهم؟».