للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وبيانه لقصة موسى مع الخضر (١).

وكان فعله هذا -صلى اللَّه عليه وسلم- مع قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج" (٢) أكبر مندوحة للصحابة والتابعين في أن يلجوا هذا الباب.

والقرآن قد أخبر عن بعض أخبار السابقين: بعضها مفضل، وبعضها مجمل، ولا سبيل إلى معرفة تفاصيل المجمل، أو زيادة تفاصيل المفصل إِلا الرواية والخبر.

والرواية: إما أن تكون عن المعصوم، وإما أن لا تكون كذلك.

فإن كانت عن المعصوم من طريق صحيح معتبر، فإنها مقبولة بلا ريب، وإن كانت عن غير طريق المعصوم، فلا تُقبل إِلا ببرهان علمي معتبر، وكذا لا تُرَدَّ إِلا ببرهان علمي معتبر، ولا يكفي في ردِّها كونها من "مرويات بني إسرائيل".

ومن هنا فإننا نجد الصحابة والتابعين وأتباعهم يذكرون هذه الإسرائيليات، ويستشهدون بها في التفسير، وقد تأتي عنهم مجملة، وقد تكون مفصلة، ولو استقرأنا من روي عنه إسرائيليات في هذه الطبقات لظهر لنا جماعة منهم ممن يروون هذه الإسرائيليات.

ومن أمثلة الأعلام الذين روي عنهم ما يأتي:

١ - في قوله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ} [الأعراف: ١٧٥]، ورد في تعيين هذا الشخص أقوالٌ، منها أن المقصود "بلعام بن باعوراء" رجل من بني إسرائيل، وقد ورد ذلك عن ابن مسعود وابن عباس ومجاهد، وعكرمة والسدي (٣).


= برص وإما أدرة: وإما آفة، وإن اللَّه أراد أن يبرِّئه مما قالوا لموسى، فخلا يومًا وحده، فوضع ثيابه على الحجر، ثم اغتسل، فلما فرغ أقبل إلى ثيابه لياخذها، وإن الحجر عدا بثوبه، فأخذ موسى عصاه وطلب الحجر، فجعل يقول: ثوبي حجر، ثوبي حجر، حتى انتهى إلى ملإ من بني إسرائيل، فرأوه عريانًا أحسن ما خلق اللَّه، وأبرأه مما يقولون، وقام الحجر، فأخذ ثوبه فلبسه، وطفق بالحجر ضربًا بعصاه، فواللَّه إن بالحجر لندبًا من أببر ضربه، ثلاثًا أو أربعًا أو خمسًا، فذلك قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا} [الأحزاب: ٦٩] "، برقم (٣٤٠٤)، باب حديث الخضر مع موسى، كتاب أحاديث الأنبياء.
(١) رواها البخاري برقم (٣٤٠١)، باب حديث الخضر مع موسى، كتاب أحاديث الأنبياء.
هذا، ولم تسلم بعض هذه الروايات الثابتات في الصحاح من نقد بعض المتعالمين أو المغرضين، فما بالك بغيرها مما لم يُرو بوجه صحيح عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.
(٢) رواه البخاري برقم (٣٤٦١)، باب ما ذكر عن بني إسرائيل كتاب أحاديث الأنبياء.
(٣) ينظر: تفسير الطبري ١٠/ ٥٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>