وذكر ابنُ عطية (٧/ ٦٦٦) أن «المراد هنا: أنّ الله تعالى فتح لك لكي يجعل لك ذلك أمارة وعلامة لغفرانه لك. فكأنها لام صيرورة، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «لقد أُنزلت عليّ الليلة سورة هي أحبُّ إليَّ من الدنيا»». ثم انتقد قول ابن جرير -مستندًا إلى أحوال النزول، والدلالة العقلية- قائلًا: «وهذا ضعيفٌ من وجهين: أحدهما: أنّ السورة {إذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ} إنما نزلت في آخر مدة النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ناعيةً له نفسه حسب ما قال ابن عباس - رضي الله عنهما -، عندما سأل عمرُ - رضي الله عنهما - عن ذلك. والآخر: أنّ تخصيص النبي - صلى الله عليه وسلم - بالتشريف كان يذهب، لأنّ كلّ واحد من المؤمنين مخاطبٌ بهذا الذي قال الطبري، أي: سبِّح واستغفر لكي يغفر الله لك، ولا يقتضي هذا أنّ الغفران قد وقع، وما قدَّمناه أولًا يقتضي وقوع الغفران للنبي - صلى الله عليه وسلم -، ويدل على ذلك قول الصحابة - رضي الله عنهم - له - صلى الله عليه وسلم - حين قام حتى تورَّمت قدماه: أتفعل هذا -يا رسول الله- وقد غفر الله لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخَّر؟ فقال: «أفلا أكون عبدًا شكورًا؟!». فهذا نصٌّ في أن الغفران حكمٌ قد وقع». وانتقد ابنُ عطية (٧/ ٦٦٧) قول سفيان قائلًا: «وهذا ضعيف، وإنما المعنى: التشريف بهذا الحكم، ولو لم تكن له ذنوب البتَّة». ثم ذكر قول عطاء، ونقل عن بعضهم أن المعنى: «{ما تَقَدَّمَ} هو قوله عليه الصلاة والسلام يوم بدر: «اللهم، إن تهلِك هذه العصابة لم تُعبَد». {وما تَأَخَّرَ} هو قوله عليه الصلاة والسلام يوم حنين: «لن نُغلَبَ اليوم من قِلَّة»». ثم انتقد ذلك قائلًا: «وهذا كلُّه مُعتَرَض».