وجمع ابنُ جرير (٢١/ ٣٢٦) -بدلالة عدم التخصيص- بين الأقوال كلّها بقوله: «إن الله -تعالى ذكره- أخبرنا أنّ سيما هؤلاء القوم الذين وصف صفتهم في وجوههم من أثَر السجود، ولم يَخُصَّ ذلك على وقت دون وقت، وإذ كان ذلك كذلك فذلك على كل الأوقات، فكان سيماهم الذي كانوا يُعرفون به في الدنيا آثارَ الإسلام، وذلك خشوعه وهدْيُه وزهده وسَمْتُه، وآثارُ عناء فرائضه وتطوُّعه، وفي الآخرة ما أخبر أنهم يُعرَفون به، وذلك الغُرَّة في الوجْه والتَّحْجيلُ في الأيدي والأرْجُل من أثر الوضوء، وبياض الوجوه من أثَر السجود». وعلَّق ابنُ عطية (٧/ ٦٨٩) على القول الأول بقوله: «كما يجعل غُرَّةً من أثر الوضوء ... الحديث، ويؤيِّد هذا التأويل اتصال القول بقوله تعالى: {فَضْلا مِنَ اللَّهِ ورِضْوانًا}، كأنه تعالى قال: علامتهم في تحصيلهم الرضوان يوم القيامة سيماهم في وجوههم من أثَر السجود». وعلَّق على القول الثاني بقوله: «وهذه حالة مكثري الصلاة؛ لأنها تنهاهم عن الفحشاء والمنكر، وتُقِلُّ الضحك، وتردُّ النَّفس بحالة تخشع معها الأعضاء». ونقل (٧/ ٦٩٠) عن عطاء بن أبي رباح، والربيع بن أنس أن «السِّيما»: «حُسْنٌ يعتري وجوه المصلين». ثم وجَّهه بقوله: «وذلك أنّ الله تعالى يجعل لها في عين الرّائي حُسْنًا تابعًا للإجلال الذي في نفسه، ومتى أجلَّ الإنسان أمْرًا حَسُنَ عنده منظره، ومن هذا الحديث الذي في الشِّهاب: «مَن كثُرت صلاته بالليل حَسُن وجْهُه بالنهار»».