للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإن نشأ خلقناكم خنازير، {ولَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الأُولى فَلَوْلا تَذَكَّرُونَ} يقول: فهلّا تذكرون. ثم قال: {أفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ} يقول: ما تزرعون، {أأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أمْ نَحْنُ الزّارِعُونَ} يقول: أليس نحن الذي نُنبتُه أم أنتم المُنبتُون؟! {لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} يقول: تَنَدَّمون، {إنّا لَمُغْرَمُونَ} يقول: إنّا لَمُوّارٌ (١) به، {بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ} {أأَنْتُمْ أنْزَلْتُمُوهُ مِن المُزْنِ} يقول: من السحاب، {أمْ نَحْنُ المُنْزِلُونَ لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجًا} يقول: مُرًّا، {فَلَوْلا تَشْكُرُونَ} يقول: فهلّا تشكرون، {أفَرَأَيْتُمُ النّارَ الَّتِي تُورُونَ} يقول: تَقْدحون، {أأَنْتُمْ أنْشَأْتُمْ} يقول: خلقتم {شَجَرَتَها أمْ نَحْنُ المُنْشِئُونَ} قال: وهي مِن كل شجرة إلا في العُنّاب (٢)، وتكون في الحجارة، {نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً} يقول: يُتذكّر بها نار الآخرة العليا، {ومَتاعًا لِلْمُقْوِينَ} قال: والمُقوي: هو الذي لا يجد نارًا، فيُخرِج زِنده، فيَسْتَنوِر ناره، فهي متاع له، {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ العَظِيمِ} يقول: فَصَلِّ لربّك العظيم، {فَلا أُقْسِمُ} يقول: أُقسم {بِمَواقِعِ النُّجُومِ} قال: أتى ابنَ عباس عُلَيَّةُ بن الأسود أو نافعُ بن الحكم، فقال له: يا ابن عباس، إني أقرأ آيات من كتاب الله أخشى أن يكون قد دَخلني منها شيء. قال ابن عباس: ولِم ذلك؟ قال: لأني أسمع الله يقول: {إنّا أنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ} [القدر: ١]، ويقول: {إنّا أنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إنّا كُنّا مُنْذِرِينَ} [الدخان: ٣]، ويقول في آية أخرى: {شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ القُرْآنُ} [البقرة: ١٨٥]، وقد نزل في الشهور كلّها؛ شوال وغيره. قال ابن عباس: ويلك! إنّ جُملة القرآن أُنزِل من السماء في ليلة القَدْر إلى بدء موقع النجوم. يقول: إلى سماء الدنيا، فنَزَل به جبريلُ في ليلة منه، وهي ليلة القَدْر المباركة، وهي في رمضان، ثم نزل به على محمد - صلى الله عليه وسلم - في عشرين سنة الآية والآيتين والأكثر، فذلك قوله: {فَلا أُقْسِمُ} يقول: أُقسم {بِمَواقِعِ النُّجُومِ وإنَّهُ لَقَسَمٌ} والقَسم قَسمٌ، إلى قوله: {لا يَمَسُّهُ إلّا المُطَهَّرُونَ} وهم السَّفرة، والسَّفرة: هم الكتبة. ثم قال: {تَنْزِيلٌ مِن رَبِّ العالَمِينَ أفَبِهَذا الحَدِيثِ أنْتُمْ مُدْهِنُون} يقول: تَوَلَّوْن أهل الشّرك، {وتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ} قال ابن عباس: سافر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في حرٍّ، فعطش الناس عطشًا شديدًا حتى كادت أعناقهم أن تنقطع مِن العطش، فذُكِر ذلك له، قالوا: يا رسول الله، لو دعوتَ الله، فسَقانا. قال: «لعلّي لو دعوتُ الله فسقاكم لقلتم: هذا بنَوء كذا وكذا».


(١) مارَ يَمُور مَوْرًا: يذهبُ ويجيءُ ويتردّد. لسان العرب (مور).
(٢) العناب: شجر شائك من الفصيلة السِّدْرية، يبلغ ارتفاعه ستة أمتار، ويطلق العناب على ثمره أيضًا، وهو أحمر حلو لذيذ الطعم على شكل ثمرة النبق. المعجم الوسيط (عنب).

<<  <  ج: ص:  >  >>