للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ترتدُّ أبدًا، فيقال له: انظر تحتك. فينظر تحته، فإذا هو مفتوح إلى النار، فيقولان: يا ولي الله، نجوتَ مِن هذا، فوالذي نفسي بيده، إنّه لَتَصِلُ إلى قلبه عند ذلك فرحة لا ترتد أبدًا، ويُفتح له سبعة وسبعون بابًا إلى الجنة، يأتيه ريحها وبَردها حتى يبعثه الله تعالى من قبره. وأَمّا الكافر، فيقول الله لِمَلك الموت: انطلِق إلى عدوّي، فائتني به، فإني قد بسطتُ له رزقي، وسَرْبلتُه نعمتي، فأبى إلا معصيتي، فائتني به لأنتقم منه. فينطلِق إليه مَلك الموت في أكْرهِ صورة رآها أحدٌ مِن الناس قطّ، له اثنتا عشرة عينًا، ومعه سَفُّودٌ (١) من النار، كثير الشوك، ومعه خمسمائة من الملائكة، معهم نُحاس وجمْرٌ مِن جمْر جهنم، ومعهم سِياط من نار تأجّج، فيضربه مَلك الموت بذلك السّفُّود ضربةً يغيب أصلُ كلّ شوكة من ذلك السَّفُّود في أصل كلّ شعرة وعِرقٍ من عروقه، ثم يلويه ليًّا شديدًا، فينزع رُوحه مِن أظفار قدميه، فيُلقيها في عَقبيه، فيَسْكر عدوُّ الله عند ذلك سَكْرة، وتَضرب الملائكةُ وجهَه ودُبرَه بتلك السّياط، ثم يَجْبذه جَبْذةً، فَينزِع رُوحه من عَقبيه، فيُلقيها في رُكبتيه، فيَسْكر عدوُّ الله عند ذلك سَكْرة، وتَضرب الملائكة وجهه ودُبره بتلك السّياط، ثم كذلك إلى حَقْويه، ثم كذلك إلى صدره، ثم كذلك إلى حَلقه، ثم تَبسط الملائكة ذلك النّحاس وجمْر جهنم تحت ذقنه، ثم يقول مَلك الموت: اخرُجي، أيتها النفس اللعينة الملعونة، إلى سَموم وحميم، وظِلٍ من يَحموم، لا بارد ولا كريم. فإذا قَبض مَلك الموت رُوحه قالت الرّوحُ للجسد: جزاك الله عني شرًّا، فقد كنتَ بي سريعًا إلى معصية الله، بطيئًا بي عن طاعة الله، فقد هلكتَ وأهلكتَ. ويقول الجسد للرّوح مثل ذلك، وتلعنه بقاع الأرض التي كان يَعصِي اللهَ عليها، وتنطلق جنود إبليس إليه يبشّرونه بأنهم قد أوردوا عبدًا من بني آدم النار. فإذا وُضع في قبره ضُيّق عليه قبرُه حتى تختلف أضلاعُه، فتدخل اليمنى في اليسرى، واليسرى في اليمنى، ويَبعث الله إليه حيّاتٍ دُهمًا، تأخذ بأَرنَبته وإبهام قدميه، فتَقرِضه حتى تلتقي في وسطه، ويبعث الله إليه المَلَكين، فيقولان له: مَن ربّك؟ وما دينك؟ ومَن نبيّك؟ فيقول: لا أدري. فيقال له: لا دَريتَ، ولا تَليتَ. فيضربانه ضربة يتطاير الشرار في قبره، ثم يعود، فيقولان له: انظر فوقك. فينظر، فإذا باب مفتوح إلى الجنة، فيقولان له: عدوّ الله، لو كنتَ أطعتَ الله كان هذا منزلك. فوالذي نفسي بيده، إنّه ليصل إلى قلبه عند ذلك حسرةٌ


(١) السَّفُّودُ والسُّفُّود -بالتشديد-: حديدة ذات شُعَب مُعَقَّفَة. لسان العرب (سفد).

<<  <  ج: ص:  >  >>