للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

زَوْجِها} الآيات (١). (١٤/ ٣٠٢)

٧٥٨٣٧ - عن عبد الله بن عباس -من طريق عكرمة- قال: كان الظِّهار في الجاهلية يُحَرِّم النساء، فكان أول مَن ظاهَر في الإسلام أوْسُ بن الصّامت، وكانت امرأته خَوْلَة بنت خُوَيلد، وكان الرجل ضعيفًا، وكانت المرأة جَلْدَة، فلمّا أن تكلّم بالظِّهار قال: لا أراكِ إلا قد حرُمتِ عليّ، فانطلِقي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لعلّك تبتغي شيئًا يرُدّك عليّ. فانطلَقتْ، وجلس ينتظرها، فأتَت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وماشطةٌ تَمشُط رأسَه، فقالت: يا رسول الله، إنّ أوْس بن الصّامت مَن قد علمتَ في ضعف رأيه، وعَجْز مقدرته، وقد ظاهَر منّي، يا رسول الله، فأبتغي شيئًا يرُدُّني إليه. قال: «يا خُوَيلَة، ما أُمِرنا بشيء من أمركِ، وإن نُؤمر فسأخبِرك». فبَينا ماشطته قد فَرَغت من شِقّ رأسه، وأخَذتْ في الشِّق الآخر؛ أنزل الله - عز وجل -وكان إذا أُنزِل عليه الوحي تَرَبَّد لذلك وجهُه (٢)، حتى يجد بَردَه، فإذا سُرِّي عنه عاد وجهه أبيض كالقُلْب (٣)، ثم تكلّم بما أُمر به- فقالت ماشطته: يا خَوْلَة، إني لَأظنّه الآن في شأنك. فأخذها أفْكَلٌ (٤)، ثم قالت: اللهم، بك أعوذ أن تُنزِل فِيَّ إلا خيرًا، فإني لم أبغِ من رسولك إلا خيرًا. فلمّا سُرِّي عنه قال: «يا خَوْلَة، قد أنزل اللهُ فيكِ وفي صاحبكِ». فقرأ: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها} إلى قوله: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِن قَبْلِ أنْ يَتَماسّا}. فقالت: واللهِ، يا رسول الله، ما له خادِمٌ غيري، ولا لي خادِمٌ غيره. قال: {فَمَن لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ}. قالت: واللهِ، إنّه إذا لم يأكل في اليوم مرّتين يَسْدَر (٥) بصره.


(١) أخرجه النحاس في الناسخ والمنسوخ ص ٧٠٠، والبزار -كما في كشف الأستار ٢/ ١٩٨ - ١٩٩ (١٥١٣) -، والبيهقي في الكبرى ٧/ ٦٢٩ (١٥٢٤٥) واللفظ له، وابن جرير ٢٢/ ٤٤٨ - ٤٤٩ بنحوه.
قال البزار: «وأبو حمزة ليّن الحديث، وقد خالف في روايته ومتن حديثه الثقات في أمر الظِّهار ... وحديث أبي حمزة منكر، وفيه لفظ يدل على خلاف الكتاب؛ لأنه قال: وليُراجعك. وقد كانت امرأته، فما معنى مراجعته امرأته ولم يُطلّقها، وهذا مما لا يجوز على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإنما أتى هذا من رواية أبي حمزة الثّمالي». وذكر ابن كثير في تفسيره ٨/ ٣٨ هذا الأثر بلفظ مقارب من رواية ابن جرير بسنده عن أبي كريب، عن عبيد الله بن موسى، عن أبي حمزة، عن عكرمة، عن ابن عباس، ثم قال: «وهذا إسناد جيد قوي، وسياق غريب». وقال الهيثمي في المجمع ٥/ ٥ - ٦ (٧٨٢٨): «رواه البزار، وفيه أبو حمزة الثّمالي، وهو ضعيف». وقال ابن حجر في الإصابة ١/ ٣٠٣: «وروى البزار من طريق أبي حمزة الثّمالي، وفيه ضعف».
(٢) تربَّد وجهه: تغيَّر وتلوَّن. النهاية (ربد).
(٣) القُلْب: شحمة النخل ولبه، وهي هنة رخصة بيضاء تُؤْكَلُ، وهي الجُمّار. تاج العروس (قلب).
(٤) الأفكل: الرعدة من برد أو خوف. النهاية (أفكل).
(٥) سدر بصره سدرًا: لم يكد يبصر. التاج (سدر).

<<  <  ج: ص:  >  >>