للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المدينة، فحاصَرهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حتى نزلوا على الجلاء، وعلى أنّ لهم ما أقلّتِ الإبل مِن الأمتعة والأموال، إلا الحَلْقَة، يعني: السلاح؛ فأنزل الله فيهم: {سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وما فِي الأَرْضِ} إلى قوله: {لِأَوَّلِ الحَشْرِ ما ظَنَنْتُمْ أنْ يَخْرُجُوا}، فقاتلهم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - حتى صالحهم على الجلاء، وأجلاهم إلى الشام، وكانوا مِن سِبطٍ لم يُصبهم جلاءٌ فيما خلا، وكان اللهُ قد كَتب عليهم ذلك، ولولا ذلك لَعذّبهم في الدنيا بالقتْل والسّبي. وأما قوله: {لِأَوَّلِ الحَشْرِ} فكان جلاؤهم ذلك أول حَشرٍ في الدنيا إلى الشام (١). (١٤/ ٣٣٢)

٧٦١٠٢ - عن عبد الله بن عباس: أنّ سورة الحشر نَزَلَتْ في النَّضِير، وذَكر اللهُ فيها الذي أصابهم من النِّقمة، وتسليطه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليهم، حتى عمِل بهم الذي عمِل بإذنه، وذَكر المنافقين الذين كانوا يُراسلونهم، ويَعِدونهم النصر، فقال: {هُوَ الَّذِي أخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن أهْلِ الكِتابِ مِن دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الحَشْرِ} إلى قوله: {وأَيْدِي المُؤْمِنِينَ} بهدْمهم بيوتهم مِن نُجُفِ الأبواب (٢). (١٤/ ٣٣٩)

٧٦١٠٣ - عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - -من طريق عبد الرحمن بن كعب بن مالك-: أنّ كفار قريش كتبوا إلى عبد الله بن أُبَيّ بن سَلول ومَن كان يعبد معه الأوثان مِن الأَوْس والخَزْرج، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ بالمدينة قبل وقعة بدر، يقولون: إنّكم قد آويتُم صاحِبَنا، وإنّكم أكثرُ أهل المدينة عددًا، وإنّا نُقْسِم بالله لتُقاتِلُنَّه أو لتُخْرِجُنَّه، أو لَنَسْتَعْدِيَنَّ عليكم العرب، ثم لَنَسيرنّ إليكم بأجمعنا حتى نَقتل مُقاتلتكم، ونَستبيح نساءكم وأبناءكم. فلما بلغ ذلك عبد الله بن أُبَيّ ومَن معه مِن عبدة الأوثان تَراسلوا، واجتمعوا، وأجمَعوا لقتال النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، فلما بلغ ذلك النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لَقِيَهم في جماعةٍ مِن أصحابه، فقال: «لقد بلغ وعيدُ قريش منكم المبالغ، ما كانت لِتكيدَكم بأكثر مما تريدون أن تَكيدوا به أنفسَكم! فأنتم هؤلاء تريدون أن تُقاتلوا أبناءكم وإخوانكم». فلمّا سمِعوا ذلك مِن النبي - صلى الله عليه وسلم - تفرّقوا، فبلغ ذلك كفار قريش، وكانت وقعة بدر بعد ذلك، فكَتبتْ كفارُ قريش بعد وقعة بدر إلى اليهود: إنّكم أهل الحَلْقَة والحُصون، وإنّكم لَتُقاتِلُنّ صاحبَنا أو لنَفعلنّ كذا وكذا، ولا يحول بيننا وبين خَدَم نسائكم شيء -وهي الخَلاخيل-.


(١) أخرجه الحاكم ٢/ ٤٨٣، والبيهقي في الدلائل ٣/ ١٧٨. وعزاه السيوطي إلى ابن مردويه.
قال البيهقي: «ذكر عائشة فيه غير محفوظ».
(٢) عزاه السيوطي إلى ابن إسحاق، وابن مردويه. وينظر: سيرة ابن هشام ٢/ ١٩٢ - ١٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>