للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المُهاجِرِينَ} إلى آخر الآية، ثم قال: هذه للمهاجرين. ثم تلا: {والَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدّارَ والإيمانَ مِن قَبْلِهِمْ} إلى آخر الآية، فقال: هذه للأنصار. ثم قرأ: {والَّذِينَ جاءُوا مِن بَعْدِهِمْ} إلى آخر الآية، ثم قال: استوعبتْ هذه المسلمين عامّةً، وليس أحدٌ إلا له في هذا المال حقٌّ إلا ما تملكون من وُصُفِكُم (١). ثم قال: لَئِن عشتُ ليَأتينّ الراعي وهو بسَرْو حِمْيَر (٢) نصيبه منها، لم يَعرَق فيه جبينه (٣). (١٤/ ٣٦١)

٧٦٢٣٩ - عن مالك بن أوس بن الحَدَثان، قال: بعث إليّ عمر بن الخطاب في الهاجرة (٤)، فجئتُه، فدخلتُ عليه، فإذا هو جالسٌ على سرير، ليس بينه وبين رَمْل (٥) السرير فراش، مُتّكِئ على وسادة مِن أدَم، فقال: يا مالك، إنه قدم علينا أهلُ أبيات من قومك، وإني قد أمرتُ فيهم بِرَضْخ (٦)، فخُذه، فاقسِمه بينهم. فقلت: يا أمير المؤمنين، إنهم قومي، وأنا أكره أن أدخل بهذا عليهم، فمُرْ به غيري. فإني لأراجعه في ذلك إذ جاءه يَرْفَأ (٧) غلامه، فقال: هذا عثمان بن عفان، وطلحة بن عبيد الله، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف. فأذِن لهم، فدَخلوا، ثم جاءه يَرْفَأ، فقال: هذا عليٌّ، وعباس. قال: ائذن لهما. فدخلا. فقال عباس: ألا تعدِيني (٨) على هذا؟ فقال القوم: يا أمير المؤمنين، اقضِ بين هذين، وأَرِح كلَّ واحد منهما مِن صاحبه؛ فإنّ في ذلك راحةً لك ولهما. فجلس عمر، ثم قال: اتَّئِدُوا. وحَسر عن ذراعيه، ثم قال: أنشُدُكم بالله -أيها الرّهط-، هل سمعتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنّا لا نُورَث، ما تَركنا صدقة، إنّ الأنبياء لا تُورَث»؟ فقال القوم: نعم، قد سمعنا ذاك. ثم أقبل على علي، وعباس، فقال: أنشُدُكما بالله، هل سمعتما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ذاك؟ قالا: نعم. فقال عمر: ألا أُحدّثكم عن هذا الأمر، إنّ الله خصّ نبيّه مِن هذا الفيء


(١) الوَصِيفُ: العبد. والأمة: وصِيفة. النهاية (وصف).
(٢) سرو حمير: منازل حمير بأرض اليمن. معجم البلدان ٣/ ٨٦.
(٣) أخرجه عبد الرزاق ٢/ ٢٨٣، وفي المصنف (٢٠٠٤٠)، وأبو عبيد في الأموال (٤١)، وابن زنجويه في الأموال (٨٤، ٧٦٢)، وابن جرير ٢٢/ ٥١٦، والبيهقي في سننه ٦/ ٣٥١ - ٣٥٢. وعزاه السيوطي إلى أبي داود في ناسخه، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن مردويه.
(٤) الهاجرة: اشتداد الحر نصف النهار. النهاية (هجر).
(٥) رمل السرير: نسيجه، والمراد: أن السرير كان قد نسج وجهه بالسعف، ولم يكن على السرير وطاء. النهاية (رمل).
(٦) الرضخ: العطية القليلة. النهاية (رضخ).
(٧) يَرْفَأ: اسم غلام لعمر. لسان العرب (يرف).
(٨) يعديني على فلان: ينصرني عليه. اللسان (عود).

<<  <  ج: ص:  >  >>