للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بشيء، لم يُعطه غيره -يريد: أموال بني النَّضِير، كانت نَفلًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس لأحد فيها حقٌّ معه-، فواللهِ، ما احتواها دونكم، ولا استأثر بها عليكم، لقد قَسّمها فيكم حتى أمسك منها هذا المال، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُدخل منه قُنْيَة (١) أهله لسَنَتهم، ويجعل ما بقي في سُبل المال، حتى تَوفّى الله نبيّه - صلى الله عليه وسلم -، فقام أبو بكر، فقال: أنا وليّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أعمل بما كان يعمل، وأسير بسِيرته في حياته. فكان يُدخل من هذا المال قُنية أهل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لسَنَتهم، ويجعل ما بقي في سُبل المال، كما كان يصنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فَوَلِيها أبو بكر حياته حتى تُوفّي، فلمّا تُوفّي أبو بكر قلتُ: أنا وليّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ووليّ أبي بكر، أعمل بما كانا يعملان به في هذا المال. فقبضتُها، فلما أقبلتما عليّ، وأدبرتما، وبدا لي أنْ أدفعها إليكما، أخذتُ عليكما عهد الله وميثاقه لتَعمَلان فيها بما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعمَل به فيها، وأبو بكر، وأنا، حتى دفعتُها إليكما، أنشُدُكم بالله -أيّها الرّهط- هل دفعتُها إليهما بذلك؟ قالوا: اللهم، نعم. ثم أقبلَ عليهما، فقال: أنشُدُكما بالله هل دفعتُها إليكما بذلك؟ قالا: نعم. قال: فقضاءً غير ذلك تلتمسان مِنِّي؟! فلا، واللهِ، لا أقضي فيها قضاء حتى تقوم الساعة غير ذلك، فإن كنتما عَجَزتما عنها، فأدِّياها إلَيّ. ثم قال عمر: إنّ الله قال: {وما أفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنهُمْ فَما أوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِن خَيْلٍ ولا رِكابٍ ولَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَن يَشاءُ واللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} فكانت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم قال: {ما أفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِن أهْلِ القُرى فَلِلَّهِ ولِلرَّسُولِ ولِذِي القُرْبى} إلى آخر الآية: {واتَّقُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقابِ} ثم -واللهِ- ما أعطاها هؤلاء وحدهم حتى قال: {لِلْفُقَراءِ المُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وأَمْوالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ ورِضْوانًا ويَنْصُرُونَ اللَّهَ ورَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصّادِقُونَ}، ثم -واللهِ- ما جعلها لهؤلاء وحدهم حتى قال: {والَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدّارَ والإيمانَ} إلى {المُفْلِحُونَ}، ثم -واللهِ- ما أعطاها لهؤلاء وحدهم حتى قال: {والَّذِينَ جاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنا اغْفِرْ لَنا} إلى قوله: {رَحِيمٌ}، فقَسَمها هذا القَسْم على هؤلاء الذين ذَكر. قال عمر: لَئِن بَقيتُ لَيَأتينّ الرُّوَيْعيَّ بصنعاء حقُّه ودمُه في وجهه (٢). (١٤/ ٣٥٨)


(١) القُنْية: ما يستغنى بها. لسان العرب (قنا).
(٢) أخرجه أبو عبيد في كتاب الأموال (٢٦)، والنحاس في الناسخ والمنسوخ (٧٠٦ - ٧٠٧)، والبخاري (٢٩٠٤، ٣٠٩٤)، ومسلم (١٧٥٧/ ٤٩ - ٥٠)، وأبو داود (٢٩٦٣، ٣٩٦٥)، والترمذي (١٦١٠)، والنسائي (٤١٥٩)، وأبو عوانة (٦٦٦٦)، وابن حبان (٦٦٠٨). وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن مردويه.

<<  <  ج: ص:  >  >>