للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَتّهمك في بني إسرائيل، فقتَلها، ودفنَها في الخَربة، فلما جاء إخوتها قالوا: أين أُختنا؟ فقال: أُختكم طارتْ بها الجنُّ. فرجعوا وهم لا يتّهمونه، فأتاهم الشيطان في المنام، فقال: إنّ برصيصا قد فضَح أُختكم. فلما أصبحوا جعل كلُّ واحد منهم يُكلّم صاحبه بما رأى، فتكلّم بما رأى. فقال الآخر: لقد رأيتُ مثل ما رأيتَ. فقال الثالث مثل ذلك، فلم يرفعوا بذلك رأسًا حتى رَأوا ثلاث ليال، فانطلَقوا إلى برصيصا، فقالوا: أين أُختنا؟ فقال: لا أدري، طارتْ بها الجن. فدخلوا الخَربة، فإذا هم بالتُّراب ناتئ في الخَربة، فضربوه بأرجلهم، فإذا هم بأُختهم، فأتَوه، فقالوا: يا عدوّ الله، قتلتَ أُختنا. فانطلقوا إلى الملِك، فأخبِروه، فبَعث إليه، فاستنزَله من صَومَعته، ونَحتوا له خشبة، فأوثَقوه عليها، فأتاه الشيطان، فقال: أتعرفني، يا برصيصا؟ قال: لا. قال: أنا الذي أنزَلتُك هذه المنزلة، فإن فعلتَ ما آمرُك به استنقذتُك مما أنتَ فيه، وأطلعتُك إلى صَومَعتك. قال: وبماذا؟ قال: أتَمَثَّلُ لك في صورتي، فتسجد لي سجدةً واحدةً، وأُنجِيك مما هنا؟ قال: نعم. فتَمثّل له الشيطان في صورته، فسجد له، وكفر بالله، فانطلَق الشيطان، وتركه، وقُتل برصيصا، فذلك قوله: {كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إذْ قالَ لِلْإنْسانِ اكْفُرْ} {قالَ إنِّي بَرِيءٌ مِنكَ إنِّي أخافُ اللَّهَ رَبَّ العالَمِينَ} (١). (ز)

٧٦٣٥١ - قال يحيى بن سلّام: وبلَغني: أنّ عابِدًا كان في بني إسرائيل قد خرج من الدنيا، واتَّخذ دِيرًا يتعبّد فيه، فطلبه الشيطان أن يُزيله، فلم يستطع عليه، فلما رأى ذلك الشيطانُ جاء إلى ابنة الملِك، فدخل فيها، فأخذها، فدَعَوا لها الأطباء، فلم يُغنوا عنها شيئًا، فتكلّم على لسانها، فقال: لا ينفعها شيءٌ إلا أن تأتُوا بها إلى فلان الرّاهب، فيدعو لها. فذهبوا بها إليه، فجعلوها عنده، فأصابها يومًا ما كان بها، فانكشفتْ، وكانت امرأة حسناء؛ فأعجبه بياضها وحُسنها، فوقع بها، فأَحبَلها، فذهب الشيطان إلى أبيها وإخوتها، فأخبَرهم، وقال له: اقتلها، وادفنها، لا يُعلَم أنك قتلتَها. فقتَلها الرّاهب، ودفنَها إلى أصل حائط، وجاء أبوها وإخوتها، وجاء الشيطان بين أيديهم، فسبَقهم إلى الرّاهب، وقال: إنّ القوم قد علِموا ما صنعتَ بالمرأة، فإن سجدتَ لي سجدةً رددتُهم عنك. فسجَد له، فلما سجَد له أخزاه الله، وتبرّأ منه الشيطان، وجاء أبوها وإخوتها، فاستخرَجوها من حيث دَفنها، وعَمدوا إلى الرّاهب، فصلَبوه. فضرب الله مثل المنافقين حين خَذلوا اليهود، فلم ينصروهم، وقد


(١) تفسير مقاتل بن سليمان ٤/ ٢٨١، ٢٨٢، ٢٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>