للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عليكِ ثوبًا إلا التمَسنا فيه. قالتْ: أوَلَستم بناس مسلمين؟ قالا: بلى، ولكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد حدَّثنا أنّ معكِ كتابًا. حتى إذ ظنتْ أنهما مُلتَمسان كلّ ثوب معها، حلّتْ عِقاصها، فأَخرجتْ لهما الكتاب مِن بين قرون رأسها، كانت قد اعتَقَصتْ عليه، فأَتيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإذا هو كتاب من حاطِب بن أبي بَلْتَعة إلى أهل مكة، فدعا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حاطبًا، قال: «أنتَ كتبتَ هذا الكتاب؟». قال: نعم. قال: «فما حمَلكَ على أن تَكتب به؟». قال حاطِب: أما واللهِ ما ارتبتُ منذ أسلمتُ في الله - عز وجل -، ولكني كنتُ امرءًا غريبًا فيكم أيها الحي مِن قريش، وكان لي بنون وإخوة بمكة، فكتبتُ إلى كفار قريش بهذا الكتاب لكي أدفع عنهم. فقال عمر: ائذن لي -يا رسول الله- أضرب عُنُقه. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «دَعْه؛ فإنه قد شهد بدرًا، وإنك لا تدري لعلّ الله اطّلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم فإني غافِر لكم ما عمِلتم». فأنزل الله في ذلك: {يأَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وعَدُوَّكُمْ أوْلِياءَ تُلْقُونَ إلَيْهِمْ بِالمَوَدَّةِ} حتى بلغ: {لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كانَ يَرْجُو اللَّهَ واليَوْمَ الآخِرَ} (١). (١٤/ ٤٠٥)

٧٦٤٣٤ - عن سعيد بن جُبَير، قال: اسم الذي أُنَزِلَتْ فيه: {يأَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وعَدُوَّكُمْ أوْلِياءَ}: حاطِب بن أبي بَلْتَعة (٢). (١٤/ ٤١٠)

٧٦٤٣٥ - عن عُروة بن الزّبير -من طريق محمد بن جعفر بن الزّبير- قالوا: لَمّا أجمع رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - السَّير إلى مكة كتب حاطِب بن أبي بَلْتَعة كتابًا إلى قريش يُخبِرهم بالذي أجمع عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مِن الأمر في السَّير إليهم، ثم أعطاه امرأة -يزعم محمد بن جعفر: أنها من مُزْينة، وزعم غيره: أنها سارة؛ مولاة لبعض بني عبد المُطّلب- وجعل لها جُعْلًا على أن تُبلّغه قريشًا، فجَعلتْه في رأسها، ثم فَتَلَتْ عليه قرونها، ثم خَرجتْ به. وأتى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - الخبرُ من السماء بما صنع حاطِب، فبعث عليَّ بن أبي طالب والزّبير بن العوام - رضي الله عنهما -، فقال: «أدرِكا امرأة قد كَتب معها حاطِب بكتاب إلى قريش يُحذِّرهم ما قد اجتَمعنا له في أمرهم». فخَرجا حتى أدركاها بالحُليفة؛ حُليفة ابن أبي أحمد، فاستنزَلاها، فالتمَسا في رحْلها، فلم يجدا شيئًا، فقال لها علي بن أبي طالب?: إني أحلف بالله ما كَذب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا كذبنا، ولتُخرِجِنّ إلَيَّ هذا الكتاب، أو لنَكشِفنّكِ. فلما رأت الجِدّ منه قالت: أعرِض عنِّي. فأَعرَض عنها، فحلَّتْ قرون رأسها، فاستَخرجَت الكتاب، فدفَعتْه إليه، فجاء


(١) عزاه السيوطي إلى ابن مردويه.
(٢) عزاه السيوطي إلى ابن مردويه.

<<  <  ج: ص:  >  >>