للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

-بعد هذه الآية- امرأةٌ مِن أزواج المؤمنين إلى المشركين ردّ المؤمنون إلى زوجها النّفقة التي أنفق عليها من العَقِبِ (١) الذي بأيديهم، الذي أُمروا أن يَردّوه إلى المشركين مِن نفقاتهم التي أنفقوا على أزواجهنّ اللاتي آمَنَّ وهاجرْنَ، ثم ردُّوا إلى المشركين فضلًا إن كان لهم (٢). (١٤/ ٤١٨)

٧٦٥٧٧ - عن محمد بن شهاب الزُّهريّ -من طريق ابن إسحاق- أنه سأله عن هذه الآية، وقول الله فيها: {وإنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِن أزْواجِكُمْ إلى الكُفّارِ} الآية. قال: يقول: إن فات أحدًا منكم أهلُه إلى الكفار، ولم تأتكم امرأةٌ تأخذون لها مثل الذي يأخذون منكم؛ فعوِّضوه مِن فَيْءٍ إن أصبتموه (٣). (ز)

٧٦٥٧٨ - قال مقاتل بن سليمان: {فَآتُوا} أعْطوا {الَّذِينَ ذَهَبَتْ أزْواجُهُمْ مِثْلَ ما أنْفَقُوا} يعني: المهر، ما أصبتم من الغنيمة قبل أن تُخمّس الخُمس، ثم يُرفع الخُمس، ثم تُقسم الغنيمة بعد الخُمس بين المسلمين، {واتَّقُوا اللَّهَ} ولا تعصوه فيما أمركم به {الذي أنتم به مؤمنون} يعني: بالله مُصدّقين (٤). (ز)

٧٦٥٧٩ - عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: {وإنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِن أزْواجِكُمْ إلى الكُفّارِ فَعاقَبْتُمْ}، قال: خَرجت امرأة من أهل الإسلام إلى المشركين، ولم يخرج غيرها. قال: فأتت امرأة من المشركين، فقال القوم: هذه عُقْبَتُكم قد أتتْكم. فقال الله: {وإنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِن أزْواجِكُمْ إلى الكُفّارِ فَعاقَبْتُمْ} أمسكْتم الذي جاءكم منهم من أجل الذي لكم عندهم، {فآتُوا الذين ذهبتْ أزواجهم مثل ما أنفقوا} ثم أخبرهم الله أنه لا جُناح عليهم إذا فعلوا الذي فعلوا أن يَنكحوهنّ إذا استُبرئ رَحِمها، قال: فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي ذهبت امرأته إلى الكفار، فقال لهذه التي أتتْ من عند المشركين: «هذا زوج التي ذهبت، أزوّجكه؟». فقالت: يا رسول الله، عذَر اللهُ زوجةَ هذا أن تَفرّ منه، لا، واللهِ، ما لي به حاجة. فدعا البَخْتَريَّ رجلًا جسيمًا، قال: «هذا؟». قالت: نعم. وهي ممن جاء من مكة (٥) [٦٥٨٥]. (ز)


[٦٥٨٥] اختُلِف في المال الذي أُمِرَ أن يُعْطى منه الذي ذهبت زوجته إلى المشركين، على ثلاثة أقوال: الأول: يُعطى مِن صداق مَن أسلمن منهنّ عن زوج كافر. وهو قول الزُّهريّ. والثاني: يُعطى من أموال غنائمهم لاستحقاقها عليهم. وهو قول ابن عباس، ومجاهد، وقتادة. والثالث: يُعطى مِن أي وجوه الفيء أمكن. وهو قول ثانٍ للزهري ذكره ابن عطية (٨/ ٢٨٥).
وعلَّقَ ابن عطية (٨/ ٢٨٥) على القول الأول بقوله: «هذا قول صحيح، يقتضيه قوله تعالى: {فعاقبتم}». وعلَّقَ على القول الثاني بقوله (٨/ ٢٨٥): «قال هؤلاء: المعاقبة: هي الغزو والمغنم. وتأوَّلوا اللفظة بهذا المعنى».
وذهَبَ ابنُ جرير (٢٢/ ٥٩٣) إلى جواز كلِّ تلك الأقوال استنادًا إلى العموم، فقال: «أولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يُقال: أمر الله - عز وجل - في هذه الآية المؤمنين أن يُعْطُوا مَن فرَّت زوجته من المؤمنين إلى أهل الكفر -إذا هم كانت لهم على أهل الكفر عقبى: إما بغنيمة يصيبونها منهم، أو بلحاق نساء بعضهم بهم- مثلَ الذي أنفقوا على الفارَّة منهم إليهم، ولم يَخْصُص إيتاءهم ذلك مِن مالٍ دون مالٍ، فعليهم أن يُعطوهم ذلك مِن كلِّ الأموال التي ذكرناها».
وعَلق ابنُ كثير (١٣/ ٥٢٥) على القولين الأول والثاني، فقال: «هذا لا ينافي الأول؛ لأنه إنْ أمكن الأول فهو أولى، وإلا فمن الغنائم اللاتي تؤخذ من أيدي الكفار، وهذا أوسع وهو اختيار ابن جرير».

<<  <  ج: ص:  >  >>