للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٧٨٣١٣ - عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- في قوله: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ} قال: أمْرٌ فظيع جليل، {ويُدْعَوْنَ إلى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ} قال: ذلكم يوم القيامة. ذُكر لنا: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: «يُؤذن للمؤمنين يوم القيامة في السجود، فيَسجد المؤمنون، وبين كل مُؤْمِنَيْن منافق، فيقسو ظهر المنافق عن السجود، ويجعل الله سجود المؤمنين عليهم توبيخًا، وصغارًا، وذلًّا، وندامة، وحسرة». وفي قوله: {وقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إلى السُّجُودِ وهُمْ سالِمُونَ} قال: في الدنيا (١). (١٤/ ٦٤٨)

٧٨٣١٤ - عن قتادة بن دعامة -من طريق معمر- {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ}، قال: يوم يُكشف عن شِدّة الأمْر (٢). (ز)

٧٨٣١٥ - عن الربيع بن أنس -من طريق أبي جعفر- {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ}، قال: عن الغطاء، فيقع مَن كان آمن به في الدنيا، فيَسجدون له، ويُدعى الآخرون إلى السجود فلا يَستطيعون؛ لأنهم لم يكونوا آمنوا به في الدنيا، ولا يُبصرونه، ولا يَستطيعون السجود، وهم سالمون في الدنيا (٣). (١٤/ ٦٤٨)

٧٨٣١٦ - قال مقاتل بن سليمان: قوله: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ} يعني: قوله: {وأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها} [الزمر: ٦٩]، يعني: عن شِدّة الآخرة، {ويُدْعَوْنَ إلى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ} وذلك أنه تَجْمُدُ أصلاب الكفار، فتكون كالصَياصيّ عظمًا واحدًا مثل صَياصيّ البقر؛ لأنهم لم يسجدوا في الدنيا (٤) [٦٧٤٩]. (ز)


[٦٧٤٩] اختُلف هل هذه الآية من الصفات أم لا؟ ورجَّح ابنُ تيمية (٦/ ٣٨٢) -مستندًا إلى اللغة- أنها ليست من آيات الصفات، فقال: «لا ريب أنّ ظاهر القرآن لا يدلّ على أنّ هذه من الصفات؛ فإنه قال: {يوم يكشف عن ساق} نكرة في الإثبات، لم يُضفها إلى الله، ولم يَقلْ: عن ساقه فمع عدم التعريف بالإضافة لا يظهر أنه من الصفات إلا بدليل آخر، ومثل هذا ليس بتأويل». وذكر (٦/ ٣٨٣) «أنّ أصل الخلاف راجع لعدم الإضافة، وأنّ مَن يجعلها من الصفات يقول فيها كقوله: {لما خلقت بيدي} [ص: ٧٥] ونحو ذلك، فإنه مع الصفات تُثبتُ، ويجب تنزيه الرّبّ تعالى عن التمثيل».
وذكر ابنُ عطية (٨/ ٣٧٨) أنّ ما جاء من أمر الكشف عن الساق في الآية فإنما هو عبارة عن شِدّة الهول، ثم علَّق بقوله (٨/ ٣٧٨ - ٣٧٩): "ومن هذا المعنى قول الشاعر في صفة الحرب:
كَشَفَتْ لهم عن ساقها وبَدا عن الشّرّ البراح
وأصل ذلك: أنه مّن أراد الجدّ في أمر يحاوله فإنه يَكشف عن ساقه تشميرًا وجِدًّا، وقد مدح الشعراء بهذا المعنى فمنه قول دريد:
كَمِيشُ الإزار خارج نصف ساقه صبور على الضراء طلاّع أنجُد
وعلى هذا من إرادة الجِدّ والتشمير في طاعة الله تعالى، قال - صلى الله عليه وسلم -: «إزْرَةُ المؤمن إلى أنصاف ساقيه» ".
وبيّن أنّ قوله تعالى: {ويُدعون} ظاهره أنّ ثمّ دعاء إلى السجود، وانتقده بقوله: «وهذا يَردّه ما قد تقرّر في الشرع من أنّ الآخرة ليست بدار عمل، وأنها لا تكليف فيها». ثم علَّق بقوله: «فإذا كان هذا فإنما الداعي ما يَرونه من سجود المؤمنين فيريدون أن يسجدوا عند ذلك فلا يستطيعون». وذكر أنّ البعض ذهب إلى أنهم يُدعَون إلى السجود على جهة التوبيخ، وأنّ البعض خرج من قوله: {فلا يستطيعون} أنهم كانوا يستطيعونه قبل ذلك، وعلَّق عليه بقوله: «وذلك غير لازم».

<<  <  ج: ص:  >  >>