٥١٠٥ - عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- قال: دخل في قول الله -تعالى ذِكْرُه-: {الحر بالحر} الرجلُ بالمرأة، والمرأةُ بالرجل. =
٥١٠٦ - وقال عطاء: ليس بينهما فَضْل (١)[٦٢١]. (ز)
[٦٢١] رجَّحَ ابنُ جرير (٣/ ٩٤، ١٠٠ - ١٠١ بتصرف) أنّ نفس الرجل الحر قَوَد قصاصًا بنفس المرأة الحرة، وأنّ معنى الآية: أن لا يتعدى بالقصاص إلى غير القاتل والجاني، فيؤخذ بالأنثى الذكر، وبالعبد الحر. استنادًا إلى دلالة القرآن، والسُّنَّة، والقياس، فقال: «فإن قال قائل: فإنه -تعالى ذِكْرُه- قال: {كُتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحرّ والعبدُ بالعبد والأنثى بالأنثى}، فما لنا أن نقتص للحر إلا من الحر، ولا للأنثى إلا من الأنثى؟ قيل: بل لنا أن نقتص للحر من العبد، وللأنثى من الذَّكَر بقول الله -تعالى ذِكْرُه-: {ومَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطانًا} [الإسراء: ٣٣]، وبالنقل المستفيض عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «المسلمون تَتَكافأ دماؤهم»». وقال: «قد تظاهرت الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالنقل العام أنّ نفس الرجل الحر قَوَدٌ قصاصًا بنفس المرأة الحرة، فإذ كان ذلك كذلك، وكانت الأمَّة مختلفة في التراجع بفضل ما بين دية الرجل والمرأة على ما قد بينّا من قول عليٍّ وغيره، وكان واضحًا فساد قول مَن قال بالقصاص في ذلك والتراجع بفضل ما بين الديتين بإجماع جميع أهل الإسلام على أنّ حرامًا على الرجل أن يتلف من جسده عضوًا بعوض يأخذه على إتلافه -فدع ما جميعه-، وعلى أنّ حرامًا على غيره إتلاف شيء منه مثل الذي حرم من ذلك بِعِوَضٍ يعطيه عليه؛ فالواجب أن تكون نَفْسُ الرجل الحر بنَفْسِ المرأة الحرة قَوَدًا. وإذا كان ذلك كذلك كان بيِّنًا بذلك أنّه لم يُرِد بقوله -تعالى ذِكْرُه-: {الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى} أن لا يقاد العبد بالحر، وأن لا تقتل الأنثى بالذكر، ولا الذكر بالأنثى. وإذا كان ذلك كذلك كان بَيِّنًا أنّ الآية مَعْنِيٌّ بها أحدُ المعنيين الآخرين: إما قولنا من أن لا يتعدى بالقصاص إلى غير القاتل والجاني، فيؤخذ بالأنثى الذكر، وبالعبد الحر. وإما القول الآخر وهو أن تكون الآية نزلت في قوم بأعيانهم خاصةً، أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يجعل ديات قتلاهم قصاصًا بعضها من بعض، كما قاله السدي ومَن ذكرنا قوله. وقد أجمع الجميع لا خلاف بينهم على أن المقاصّة في الحقوق غير واجبة، وأجمعوا على أنّ الله لم يقض في ذلك قضاء ثم نسخه، وإذا كان كذلك، وكان قوله -تعالى ذِكْرُه-: {كتب عليكم القصاص} يُنبِئُ على أنه فرض؛ كان معلومًا أن القول خلاف ما قاله قائل هذه المقالة؛ لأن ما كان فرضًا على أهل الحقوق أن يفعلوه فلا خيار لهم فيه، والجميع مجمعون على أن لأهل الحقوق الخيار في مقاصّتهم حقوقهم بعضها من بعض، فإذا تبين فساد هذا الوجه الذي ذكرنا؛ فالصحيح من القول في ذلك هو ما قلنا».