للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ} [الأعراف: ١٧٥] اختلاف بين الصحابة في من نزلت الآية بشأنه، فورد عن ابن مسعود (ت: ٣٢ هـ)، وابن عباس (ت: ٦٨ هـ) أنها في بَلْعَمِ بْنِ بَاعُرَا من بني إسرائيل.

وورد عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص (ت: ٦٥ هـ) أنها نزلت في أمية بن أبي الصلت، قال عبد الملك بن عمير: "تذاكروا في دمشق هذه الآية: {فَانْسَلَخَ مِنْهَا} فقال بعضهم: نزلت في بلعم بن باعوراء. وقال بعضهم: نزلت في الراهب.

فخرج علينا عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، فقالوا: فيمن نزلت هذه الآية؟ قال: نزلت في أمية بن أبي الصلت الثقفي" (١).

وإذا تأملت حال المذكورين ظهر لك أن الآية تنطبق عليهم وتشملهم، وليس بلازم أن يكون أحدهم هو المراد بعينه دون الآخر، بل هي عامة في كل من اتصف بها.

٢ - ورد عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-، انه تلا هذه الآية {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ} [الزمر: ٩]، قال: "ذاك عثمان بن عفان. وفي لفظ: نزلت في عثمان بن عفان".

وورد عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- في قوله: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا} قال: "نزلت في عمار بن ياسر".

وفي رواية أخرى عن ابن عباس قال: "نزلت هذه الآية في ابن مسعود، وعمار، وسالم مولى أبي حذيفة -رضي اللَّه عنهم-" (٢).

وهذه الآية كالسابقة لها، فاللفظ عام، وما ذكر من النزول، فهو مثال لمن تنطبق عليه الآية.

ولم يكن ذكر سبب النزول مقتصرًا على الصحابة، بل تجد في تفسير التابعين وأتباعهم كثيرًا من عبارات النزول، وهي متفاوتة بين أن تكون من الأسباب الصريحة، أو أن تكون من غير الصريحة.

أما أسباب النزول الصريحة، فالأصل أنها منقطعة، لأن التابعين وأتباع التابعين لم يحضروا النزول، وليسوا من أصحاب المشاهدة كما كان الحال في الصحابة.


(١) ينظر: تفسير الطبري، تحقيق: شاكر ١٣/ ٢٥٢ - ٢٥٧.
(٢) ينظر: الدر المنثور عند تفسير الآية المذكورة ١٢/ ٦٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>