للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التوحيد، فقال: أيّها المَلِك، أنا علّمته. واسمه: عبد الله بن شمر، فقذفه في النار، ثم عرض على النار واحدًا بعد واحد، حتى إذا أراد أن يتبع بقيّة المؤمنين، فصنع ملكهم صنمًا مِن ذهب، ثم أمّر على كلِّ عشرة مِن المؤمنين رجلًا يقول لهم: إذا سمعتم صوت المزامير فاسجدوا للصنم، فمَن لم يسجد ألقوه في النار. فلما سمعت النصارى بذلك سجدوا للصنم، وأمّا المؤمنون فأبَوا، فخَدَّ لهم، وألقاهم فيها، فارتفعت النار فوقهم اثنا عشر ذِراعًا (١). (ز)

٨٢٤٤٤ - قال محمد بن السّائِب الكلبي: كان أصحاب الأخدود سبعين ألفًا (٢). (ز)

٨٢٤٤٥ - قال مقاتل بن سليمان: {قُتِلَ أصْحابُ الأُخْدُودِ} وذلك أنّ يوسف بن ذي نواس من أهل نجران كان حفر خَدًّا، وأوقد فيه النار، فمَن تَكلّم منهم بالتوحيد أحرقه بالنار، وذلك أنه كان قد آمن مِن قومه ثمانون رجلًا وتسع نسوة، فأمرهم أن يرتَدُّوا عن الإسلام، فأبَوْا، فأخبرهم أنه سيُعذّبهم بالنار، فَرَضُوا لأمر الله - عز وجل -، فأحرقهم كلَّهم، فلم يزل يُلقي واحدًا بعد واحد في النار، حتى مرَّت امرأةٌ ومعها صبي لها صغير يرضع، فلما نظرت المرأة إلى ولدها أشفقتْ عليه، فرجعتْ، فعَرضوا عليها أن تكفر، فأبتْ، فضربوها حتى رجعتْ، فلم تزل ترجع مرة، وتُشفق مرة، حتى تَكلّم الصبيُّ فقال لها: يا أُمّاه، إنّ بين يديك نارًا لا تُطفأ أبدًا. فلما سمعتْ قولَ الطفل أحضرتْ حتى ألقتْ نفسها في النار، فجعل الله - عز وجل - أرواحهم في الجنة، وأوحى الله -تبارك وتعالى- إلى نبيّه محمد - صلى الله عليه وسلم -: {قُتِلَ أصْحابُ الأُخْدُودِ} يوسف بن ذي نواس وأصحابه (٣) [٧١٠٨]. (ز)


[٧١٠٨] اختُلف في الذين أحرقتهم النار مَن هم؟ على قولين: الأول: قوم كانوا أهل كتاب من بقايا المجوس. الثاني: أنّ النار أحرقت الكفار الذين فَتنوا المؤمنين بإلقائهم في النار.
ورجَّح ابنُ جرير (٢٤/ ٢٧٧) -مستندًا إلى دلالة العقل- القول الثاني، وعلَّل ذلك بأنّ «الله أخبر أنّ لهم عذاب الحريق مع عذاب جهنم، ولو لم يكونوا أُحْرِقوا في الدنيا لم يكن لقوله: {ولَهُمْ عَذابُ الحَرِيقِ} [البروج: ١٠] معنًى مفهوم، مع إخباره أنّ لهم عذاب جهنم؛ لأنّ عذاب جهنم هو عذاب الحريق مع سائر أنواع عذابها في الآخرة».
وذكر ابنُ عطية (٨/ ٥٧٨) أنه رأى «في بعض الكتب أنّ أصحاب الأخدود هو مُحرِّق، وأنه الذي حرق من بني تميم المائة». ثم علَّق عليه بقوله: «ويعترض هذا القول بقوله تعالى: {وهُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ} [البروج: ٧]، فينفصل عن هذا الاعتراض بأنّ هذا الكلام مُنقَطِع مِن قصة أصْحاب الأخدود، وأنّ المراد بقوله تعالى: {وهُمْ} قريش الذين كانوا يفتنون الناس المؤمنين والمؤمنات».

<<  <  ج: ص:  >  >>