للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

خلفه يُصلُّون، فلمّا رأيا ذلك انصرفا، فقال حزبيل: اللهم، إنّك تعلم أنّي كتمتُ إيماني مائة سنة، ولم يظهر عَلَيَّ أحد، فأيّما هذان الرجلين كتم عليَّ فاهدِه إلى دينك، وأَعْطِه مِن الدنيا سُؤْلَه، وأيّما هذين الرجلين أظهر عليَّ فعجِّل عقوبته في الدنيا، واجعل مصيره في الآخرة إلى النار. فانصرف الرجلان إلى فرعون، فأمّا أحدهما فاعتبر وآمن، وأمّا الآخر فأخبر فرعون بالقصة على رؤوس الملأ، فقال له فرعون: وهل كان معك غيرك؟ قال: نعم، فلان. فدعا به، فقال: أحقٌّ ما يقول هذا؟ قال: لا، ما رأيتُ مما قال شيئًا. فأعطاه فرعون وأجزل، وأمّا الآخر فقتله، ثم صلبه. قال: وكان فرعون قد تزوج امرأة مِن نساء بني إسرائيل يقال لها: آسية بنت مزاحم، فرأتْ ما صنع فرعونُ بالماشطة، فقالت: وكيف يسعني أنْ أصبر على ما يأتي به فرعون، وأنا مسلمة وهو كافر؟ فبينما هي كذلك تُؤامِر نفسها إذ دخل عليها فرعون، فجلس قريبًا منها، فقالت: يا فرعون، أنتَ شرُّ الخَلْق وأخبثهم، عمدتَ إلى الماشطة فقتلتَها! قال: فلعلّ بك الجنون الذي كان بها؟ قالت: ما بي مِن جنون، وإنّ إلهي وإلهها وإلهك وإله السماوات والأرض واحد لا شريك له. فمزَّق عليها ثيابها، وضربها، وأرسَل إلى أبويها فدعاهما، فقال لهما: ألا تريان أنّ الجنون الذي كان بالماشطة أصابها؟ قالت: أعوذ بالله مِن ذلك، إني أشهد أنّ ربي وربَّك وربّ السماوات والأرض واحدٌ لا شريك له. فقال لها أبوها: يا آسية، ألستِ مِن خير نساء العماليق، وزوجكِ إله العماليق؟ قالت: أعوذ بالله مِن ذلك، إن كان ما يقول حقًّا فقولا له أن يتوّجني تاجًا تكون الشمس أمامه، والقمر خلفه، والكواكب حوله. فقال لهما فرعون: اخرجا عني. فمدَّها بين أربعة أوتاد يُعذّبها، ففتح الله لها بابًا إلى الجنة ليهون عليها ما يصنع بها فرعون، فعند ذلك قالت: {رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين} [التحريم: ١١]. فقبض الله روحها، وأسكنها الجنة (١). (ز)

٨٣٠٦٤ - عن أبي رافع -من طريق ثابت البُناني- قال: وتَّد فرعونُ لامرأته أربعةَ أوتاد، ثم جعل على ظهرها رحًا عظيمة حتى ماتت (٢). (ز)

٨٣٠٦٥ - عن سعيد بن جُبَير -من طريق محمود- {وفِرْعَوْنَ ذِي الأَوْتادِ}، قال: كان


(١) أخرجه الثعلبي ١٠/ ١٩٨، والبغوي ٨/ ٤١٩.
(٢) أخرجه عبد الرزاق ٢/ ٣٧١، وابن جرير ٢٤/ ٣٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>