للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٨٣٣٦٢ - عن قتادة بن دعامة: هذا مَثَل ضربه الله سبحانه، يقول: إنّ المعتق والمطعم يقاحم نفسه وشيطانه مثل مَن يتكلّف صعود العقبة (١). (ز)

٨٣٣٦٣ - قال مقاتل بن سليمان: ثم عرّفه على الكفارة، فقال: {فَلا اقْتَحَمَ العَقَبَةَ}، وهو مَثَلٌ ضربه الله - عز وجل - له، يقول: إنّ الذُّنوب بين يديك مثل الجبل، فإذا أعتقتْ رقبة اقتحم ذلك الذُّنوب حتى تذوب وتذهب، كمثل رجل بين يديه عقبة، فيقتحم، فيستوي بين يديه، وكذلك مَن أصاب ذنبًا واستغفر ربّه وكفّره بصدقة تتقحم ذنوبه حتى تُحطمها تحطيمًا مثل الجبل إذا خرّ، فيستوي مع الأرض، فذلك قوله: {فَلا اقْتَحَمَ العَقَبَةَ} (٢). (ز)

٨٣٣٦٤ - عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- {فَلا اقْتَحَمَ العَقَبَةَ}، قال: ألا سلك الطريق التي فيها النجاة والخير (٣) [٧١٨٢]. (١٥/ ٤٤٥)


[٧١٨٢] ذكر ابنُ عطية (٨/ ٦٢٢) اختلاف المفسرين في قوله تعالى: {فَلا} على أقوال: «فقال جمهور المفسرين: هو تحضيض بمعنى: فَأَلا. وقال آخرون: هو دعاءٌ بمعنى أنه يستحق أنْ يُدعى عليه بأن لا يفعل خيرًا. وقيل: هو نفي، أي: فما اقتحم، وقاله أبو عبيدة، والزّجّاج. ثم وجَّه القول الأخير بقوله:» وهذا نحو قوله تعالى: {فَلا صَدَّقَ ولا صَلّى} [القيامة: ٣١]، فهو نفيٌ محض، كأنه تعالى قال: وهبنا له الجوارح ودَلَلْناه على السبيل فما فعل خيرًا".
واختُلف في «العقبة» هل هي مثل عقبة الدنيا، أو هي عقبة حقيقية في الآخرة؟ على قولين: الأول: أنها مثَلٌ ضربه الله لمجاهدة النفس والشيطان في أعمال البر. الثاني: أنها عقبة حقيقة، يصعدها الناس.
وذكر ابنُ عطية (٨/ ٦٢٢) أن معنى «{العَقَبَةَ} في هذه الآية -على عرف كلام العرب- استعارة لهذا العمل الشاق على النفس من حيث هو بذل مال، تشبيه بالعقبة من الجبل، وهي ما صعب منه وكان صعودًا». ثم ذكر أنّ المفسرين رأَوا «أنّ {العَقَبَةَ} يراد بها: جبل في جهنم، لا ينجِّي منه إلا هذه الأعمال ونحوها. قاله ابن عباس، وقتادة، وكعب».
ورجَّح ابنُ القيم (٣/ ٣٠٨) القول الثاني -مستندًا إلى أقوال السلف، والنظائر- قائلًا: «فهذا القول أقرب إلى الحقيقة، والآثار السلفية، والمألوف من عادة القرآن في استعماله: {وما أدْراكَ} في الأمور الغائبة العظيمة كما تقدم».

<<  <  ج: ص:  >  >>