للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَنَدَبًا من أثر ضربه ثلاثًا أو أربعًا أو خمسًا، فذلك قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا} [الأحزاب: ٦٩] " (١).

وإن ذكر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قصة توافق ما ورد في القرآن من دون أن ينص على أنها تفسير للآية، فإن حمل الآية عليها -وإن كان الارتباط بينهما واضحًا- من اجتهاد المفسر، وذلك كاجتهاده في ربط القصص التي لم ترد عنه -صلى اللَّه عليه وسلم-، أيًّا كان مصدرها.

ومن القصص التي ذكرها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وربطها بعض المفسرين من الصحابة بما ورد من الخبر عن قصة بعض الأقوام؛ قصة أصحاب الأخدود التي رواها الإمام مسلم بسنده عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: "كان ملك فيمن كان قبلكم، وكان له ساحر، فلما كبر قال للملك: إني قد كبرت، فأبعث إلي غلامًا أعلمه السحر، فبعث إليه غلامًا يعلمه، فكان -في طريقه إذا سلك- راهب، فقعد إليه، وسمع كلامه، فأعجبه، فكان إذا أتى الساحر؛ مر بالراهب، وقعد إليه، فإذا أتى الساحر ضربه، فشكى ذلك إلى الراهب، فقال: إذا خشيت الساحر، فقل: حبسني أهلي، وإذا خشيت أهلك، فقل: حبسني الساحر. . . " إلى أن ورد فيها: "فقال للملك: إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به، قال: وما هو؟ قال: تجمع الناس في صعيد واحد، وتصلبني على جذع، ثم خذ سهمًا من كنانتي، ثم ضع السهم في كبد القوس، ثم قل: باسم اللَّه رب الغلام، ثم ارمني، فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني، فجمع الناس في صعيد واحد، وصلبه على جذع، ثم أخذ سهمًا من كنانته، ثم وضع السهم في كبد القوس، ثم قال: باسم اللَّه رب الغلام، ثم رماه، فوقع السهم في صدغه، فوضع يده في صدغه في موضع السهم، فمات، فقال الناس: آمنا برب الغلام، آمنا برب الغلام آمنا برب الغلام، فأتى الملك، فقيل له: أرأيت ما كنت تحذر؟ ! قد واللَّه نزل بك حذرك، قد اَمن الناس، فأمر بالأخدود في أفواه السكك، فخدت، وأضرم النيران، وقال: من لم يرجع عن دينه، فأحموه فيها أو قيل له: اقتحم، ففعلوا حتى جاءت امرأة، ومعها صبي لها، فتقاعست


(١) أخرجه البخاري في كتاب الأنبياء من صحيحه، باب: {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ} [البقرة: ٥٨] رقم الحديث (٣٤٠٤).
قال ابن حجر: "قوله: فذلك قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا} [الأحزاب: ٦٩]: لم يقع هذا في رواية همام، وروى ابن مردويه من طريق عكرمة عن أبي هريرة، قال: قرأ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى} الآية، قال: إن بني إسرائيل كانوا يقولون: إن موسى آدر، فانطلق موسى إلى النهر يغتسل. فذكر نحوه". فتح الباري ٦/ ٥٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>