للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أن تقع فيه، فقال لها الغلام: يا أمه، اصبري، فإنك على الحق" (١).

فهذه القصة -كما ترى- ليس فيها أنها تفسير لقصة أصحاب الأخدود التي وردت في قوله تعالى: {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (٤) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (٥) إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (٦) وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (٧) وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} [البروج: ٤ - ٨]، مع أنه يتضح أنها مما يفسر هذه الآيات، وأن حملها عليها إنما كان من عمل المفسَّر (٢).

ولا شك أن تفسير الآية بما ذكره النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- هو أولى ما تفسر به.

وإذا كان هذا هو الحال مع القصص الواردة عن المعصوم التي لم يشر إلى أنها تفسر آية ما، فإن غيرها مما يؤخذ من بني إسرائيل أو غيرهم من باب أولى أن يكون ربطها بالقرآن من باب الرأي واجتهاد المفسَّر. وهذا أصل مهم يحسن التنبه له، والاعتناء به.

والمقصود هنا أن الصحابة قد ورد عنهم حمل بعض الآيات التي وردت فيها قصص أو إشارة إليها على بعض القصص الواردة عن بني إسرائيل أو غيرهم، ويحتمل أن يكون ما فسروا به من هذه القصص مأخوذًا عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ويحتمل أن يكون مأخوذًا عن غيره.

وقد كان في حملهم عليها ضروب:

- فضرب منها أتى بذكر الخبر مجملًا.

- وضرب منها ذكر ما ورد من الخبر الذي جاء في القرآن، وزاد عليه تفاصيل أخرى.

- وضرب منها حمله على قصة معروفة في كتب السابقين، وجعلها مفسرة للآية، وإن كان قد يقع فيها منازعة في كونها هي المعنية بما ورد في القرآن.

ومن أمثلة ذلك:

١ - ما ورد في تفسير قوله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِين} [الأعراف: ١٧٥]، فقد ورد عن ابن مسعود


(١) أخرجه مسلم في كتاب الزهد والرقائق، باب قصة أصحاب الأخدود, رقم الحديث (٣٠٠٥).
(٢) ورد في التفسير عن بعض الصحابة والتابعين أقاويل في أصحاب الأخدود غير هذا المذكور في الحديث، فقد ورد أنهم من النبط، وورد أنهم مجوس أهل كتاب. ينظر: الدر المنثور للسيوطي ١٥/ ٣٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>