للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فارْغَبْ}، قال: أمَره إذا فرغ من الصلاة أن يَرغب في الدعاء إلى ربّه (١). (١٥/ ٥٠٥)

٨٣٨٧٧ - عن زيد بن أسلم -من طريق عبد الرحمن-: {فَإذا فَرَغْتَ فانْصَبْ} فإذا فرغتَ من الجهاد، جهاد العرب، وانقطع جهادهم؛ فانصبْ لعبادة الله، {وإلى رَبِّكَ فارْغَبْ} (٢). (١٥/ ٥٠٥)

٨٣٨٧٨ - عن محمد بن السّائِب الكلبي: {فَإذا فَرَغْتَ فانْصَبْ} فإذا فرغتَ من الصلاة فانصبْ في الدعاء (٣). (ز)

٨٣٨٧٩ - قال مقاتل بن سليمان: {فَإذا فَرَغْتَ فانْصَبْ} إذا فرغتَ -يا محمد- مِن الصلاة المكتوبة بعد التشَهُّد والقراءة والركوع والسجود وأنت جالس قبل أن تُسلِّم فانصب (٤). (ز)

٨٣٨٨٠ - قال مقاتل: {فَإذا فَرَغْتَ فانْصَبْ} فإذا فرغتَ من الصلاة المكتوبة فانصبْ إلى ربّك في الدعاء، وارغب إليه في المسألة؛ يُعطِك (٥) [٧٢١٨]. (ز)


[٧٢١٨] اختُلف في معنى: {فَإذا فَرَغْتَ فانْصَبْ وإلى رَبِّكَ فارْغَبْ} على أقوال: الأول: إذا فرغتَ من صلاتك فانصبْ إلى ربّك في الدعاء. الثاني: إذا فرغتَ من جهاد عدوك فانصبْ في عبادة ربّك. الثالث: إذا فرغتَ من أمر دنياك فانصبْ في عبادة ربّك. الرابع: إذا فرغتَ من الفرائض فانصبْ في قيام الليل.
ورجَّح ابنُ جرير (٢٤/ ٤٩٩) العموم، فقال: «وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قولُ مَن قال: إنّ الله -تعالى ذِكره- أمر نبيَّه أن يجعل فراغه مِن كلّ ما كان به مشتغلًا من أمر دنياه وآخرته، مما آدى له الشغل به، وأمره بالشغل به إلى النّصب في عبادته، والاشتغال فيما قرَّبه إليه، ومسألتِه حاجاتِه، ولم يَخْصُص بذلك حالًا من أحوال فراغه دون حال، فسواءٌ كلّ أحوال فراغه، من صلاة كان فراغه، أو جهاد، أو أمر دنيا كان به مشتغلًا؛ لعموم الشرط في ذلك، من غير خصوص حال فراغٍ دون حالٍ أخرى».
واستدرك ابنُ عطية (٨/ ٦٤٦) على القول الثاني -مستندًا إلى أحوال النزول- قائلًا: «ويعترض هذا التأويل أنّ الجهاد فُرِض بالمدينة».
وانتقد ابنُ تيمية (٧/ ٦٣، ٦٤) القول الأول -مستندًا إلى السنة، والعموم- قائلًا: «وهذا القول سواء كان صحيحًا أو لم يكن، فإنه يمنع الدعاء في آخر الصلاة، لا سيما والنبي هو المأمور بهذا، فلابدّ أن يمتثل ما أمره الله به. ودعاؤه في الصلاة المنقول عنه في الصحاح وغيرها إنما كان قبل الخروج من الصلاة، وقد قال لأصحابه في الحديث الصحيح: «إذا تشهّد أحدكم فليستعذ بالله من أربع، يقول: اللهم، إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدَّجّال». وفي حديث ابن مسعود الصحيح لما ذكر التشهد قال: «ثم ليتخيّر من الدعاء أعجبه إليه». وقد روت عائشة وغيرها دعاءَه في صلاته بالليل، وأنه كان قبل الخروج من الصلاة. فقول مَن قال: إذا فرغتَ من الصلاة فانصبْ في الدعاء. يشبه قول مَن قال في حديث ابن مسعود لما ذكر التشهُّد: فإذا فعلت ذلك فقد قضيتَ صلاتك؛ فإن شئتَ أن تقوم فقم، وإن شئتَ أن تقعد فاقعد. وهذه الزيادة سواء كانت من كلام النبي، أو من كلام مَن أدرجها في حديث ابن مسعود، كما يقول ذلك مَن ذكره من أئمة الحديث؛ ففيها أنّ قائل ذلك جعل ذلك قضاء للصلاة، فهكذا جعله هذا المفسر فراغًا من الصلاة، مع أنّ تفسير قوله: {فإذا فرغت فانصب} أي: فرغتَ من الصلاة. قول ضعيف؛ فإنّ قوله: إذا فرغتَ مطلق، ولأنّ الفارغ إنْ أريد به الفارغ من العبادة فالدعاء أيضًا عبادة، وإن أريد به الفراغ من أشغال الدنيا بالصلاة فليس كذلك».
وزاد ابنُ عطية في معنى الآية قولًا نقله ولم ينسبه أنّ المعنى: «فإذا فرغتَ من الركعات فاجلس في التشهُّد وانصبْ في الدعاء».

<<  <  ج: ص:  >  >>