للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٨٤٤١١ - عن محمد بن كعب القُرَظيّ -من طريق عمرو بن قتادة- في الآية، قال: مَن يعمل مِثقال ذرّة مِن خير مِن كافر يرى ثوابها في الدنيا، في نفسه وأهله وماله وولده، حتى يَخرج من الدنيا وليس عنده خير، {ومَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} مِن مؤمن يرى عقوبته في الدنيا في نفسه وأهله وماله وولده، حتى يَخرج من الدنيا وليس عليه شيء (١). (١٥/ ٥٨٨)

٨٤٤١٢ - عن قتادة بن دعامة، قال: ذُكر لنا: أنّ رجلًا ذهب مرة يستقرئ، فلما سمع هذه الآية: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} إلى آخرها فقال: حسبي حسبي، إنْ عملتُ مِثقال ذرّة من خير رأيتُه، وإنْ عملتُ مثقال ذرّة من شرّ رأيتُه. قال: وذُكر: أنّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: «هي الجامعة الفاذّة» (٢). (١٥/ ٥٩٠)

٨٤٤١٣ - قال مقاتل بن سليمان: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} يقول: مَن يعمل في الدنيا مِثقال ذرّة، يعني: وزن نملة أصغر النمل الأحمر التي لا تكاد نراها مِن صِغَرها، {خيرًا} في التقديم {يَرَهُ} يومئذ؛ يوم القيامة في كتابه أيضًا {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ}، {ومَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} في صحيفته، وذلك أنّ العرب كانوا لا يتصدَّقون بالشيء القليل، وكانوا لا يرون بالذَّنب الصغير بأسًا، فزّهدهم الله - عز وجل - في الذَّنب الحقير، ورغَّبهم في الصدقة القليلة، فقال: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ومَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} في كتابه، والذَّرة: أصغر النمل، وهي النملة الصغيرة، وأيضًا فمَن يعمل في الدنيا مِثقال ذرّة قدر نملة شرًّا يره يوم القيامة في كتابه ... {ومَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} في صحيفته (٣) [٧٢٦٠]. (ز)


[٧٢٦٠] بيّن ابن جرير (٢٤/ ٥٦٢) أنّ جميع الناس مؤمنهم وكافرهم يرون جزاء أعمالهم في الآخرة، فأمّا المؤمن فيغفر الله سيئاته وأمّا الكافر فيَردّ حسناته ويُعذَّب بسيئاته. ثم ذكر قول مَن قال: إنّ المؤمن يُعجّل له عقوبة سيئاته في الدنيا، ويُؤخّر له ثواب حسناته، والكافر يُعجّل له ثواب حسناته، ويُؤخّر له عقوبة سيئاته. ولم يعلّق عليه.
وقال ابنُ عطية (٨/ ٦٦٩): «وقال بعض الناس وبعض المفسرين: رؤية هذه الأعمال هي في الآخرة، وذلك لازم من لفظ السورة وسردها، فيرى الخير كلّه مَن كان مؤمنًا، والكافر لا يرى في الآخرة خيرًا؛ لأنّ خيره قد عُجِّل له في الدنيا، وكذلك المؤمن أيضًا تُعجّل له سيئاته الصغار في دنياه في المصائب والأمراض ونحوها، فيجيء من مجموع هذا أنّ مَن عمل من المؤمنين مِثقال ذرّة من خير أو شرّ رآه، ويخرج من ذلك أن لا يرى الكافر خيرًا في الآخرة. ومنه حديث عائشة - رضي الله عنها -، قالت: قلتُ: يا رسول الله، أرأيت ما كان عبد الله بن جدعان يفعله من البِرّ وصِلة الرَّحِم وإطعام الطعام، أله في ذلك أجر؟ قال: «لا، إنه لم يقل قطّ: ربّ، اغفر لي خطيئتي يوم الدين»».

<<  <  ج: ص:  >  >>