للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقعت النار عليه فأحرقته، فتحرق الجلد واللحم والعصب والعظم، ولا تحرق القلب ولا العين وهو ما يعقل به ويبصر، فذلك قوله تعالى: {الَّتِي تَطَّلِعُ عَلى الأَفْئِدَةِ}، ثم تلا: {ويَأْتِيهِ المَوْتُ مِن كُلِّ مَكانٍ وما هُوَ بِمَيِّتٍ} [إبراهيم: ١٧] يقول: ليس في جسده موضع شعرة إلا والموت يأتيه من ذلك المكان، ثم قال: {إنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ} وذلك أنه إذا خرج المُوحِّدون من الباب الأعلى وهي جهنم قال أهل تلك السبعة الأبواب -وهي أسفل درك من النار- لأهل الباب السادس: {ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ} [المدثر: ٤٢] يقول: ما أدخلكم في سقر، {قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ المُصَلِّينَ ولَمْ نَكُ نُطْعِمُ المِسْكِينَ ... } [المدثر: ٤٣ - ٤٤] إلى آخر الآيات، ثم يقولون: تعالوا حتى نجزع. فيجزعون حُقبًا من الدَّهر، فلا ينفعهم شيئًا، ثم يقولون: تعالوا حتى نصرخ. فيصرخون حُقبًا من الدَّهر، فلا يغني عنهم شيئًا، ثم يقولون: تعالوا حتى نصبر، فلعلّ الله - عز وجل - إذا صبرنا وسكتنا أن يرحمنا. فيصبرون حُقبًا من الدَّهر، فلا يغني عنهم شيئًا، فيقولون: {سَواءٌ عَلَيْنا أجَزِعْنا أمْ صَبَرْنا ما لَنا مِن مَحِيصٍ} [إبراهيم: ٢١]، ثم ينادون: {أخْرِجْنا مِنها فَإنْ عُدْنا فَإنّا ظالِمُونَ} [المؤمنون: ١٠٧]، فينادى ربّ العِزّة من فوق العرش: {اخْسَئُوا فِيها ولا تُكَلِّمُونِ} [المؤمنون: ١٠٨]، فتصمّ آذانهم، ويُختم على قلوبهم، وتُغلق عليهم أبوابها، فيُطبق كلّ واحدة على صاحبه بمسامير من حديد من نار كأمثال الجبال، فلا يَلج فيها روح، ولا يخرج منها حرّ النار، ويأكلون من النار، ولا يسمع فيها إلا الزَّفير والشَّهيق. نسأل الله المعافاة منها بفضله وجُوده ورحمته (١). (ز)

٨٤٨٩٨ - عن فاطمة، {فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ}، قالت: في دهر ممدودة، لا انقطاع له (٢) [٧٣٠١]. (١٥/ ٦٥٠)


[٧٣٠١] اختُلف في قوله: {في عمد ممددة} على أقوال: الأول: أنها أوتاد الأطباق التي تُطبق على أهل النار. و {في} بمعنى الباء. والمعنى: مُطْبَقة بعمد. الثاني: أنّ المعنى إنما دخلوا في عمد، ثم مُدّتْ عليهم تلك العمد بعماد. الثالث: هي عمد يُعذَّبون بها.
وقد رجّح ابنُ جرير (٢٤/ ٦٢٦) القول الثالث لعدم الدليل على باقي الأقوال، فقال: «وأولى الأقوال بالصواب في ذلك قول مَن قال: معناه: أنهم يُعذِّبون بعمد في النار، والله أعلم كيف تعذيبه إياهم بها، ولم يأتنا خبر تقوم به الحجّة بصفة تعذيبهم بها، ولا وضع لنا عليها دليل، فندرك به صفة ذلك، فلا قول فيه، غير الذي قلنا يصحّ عندنا».

<<  <  ج: ص:  >  >>