للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وبَرك، فإذا صرفوه عنها مِن حيث أتى أسرع السير، فلم يزل كذلك حتى غشيهم الليل، وخرجتْ عليهم طيرٌ من البحر لها خراطيم كأنها البَلسُ (١)، شبيهة بالوطواط، حُمر وسود، فلما رأوها أشفقوا منها، وسُقط في أيديهم، فرمتْهم بحجارة مُدحرَجة كالبنادق، تقع على رأس الرجل فتخرج من جوفه، فلما أصبحوا مِن الغد أصبح عبد المُطَّلِب ومَن معه على جبالهم، فلم يروا أحدًا غشيهم، فبعث ابنه على فرس له سريع ينظر ما لقوا، فإذا هم مُشدَّخين جميعًا، فرجع يدفع فرسه كاشفًا عن فَخِذه، فلما رأى ذلك أبوه قال: إنّ ابني أفرس العرب، وما كشف عن فَخذه إلا بشيرًا أو نذيرًا. فلما دنا من ناديهم قالوا: ما وراءك؟ قال: هلكوا جميعًا، فخرج عبد المُطَّلِب وأصحابه، فأخذوا أموالهم، وقال عبد المُطَّلِب:

أنت منعتَ الجيش والأفيالا ... وقد رَعوا بمكة الأجبالا

وقد خشينا منهم القتالا ... وكل أمر منهم مِعضالا

شكرًا وحمدًا لك ذا الجلالا

فانصرف شهرٌ هاربًا وحده، فأول منزل نزله سقطتْ يده اليُمنى، ثم نزل منزلًا آخر فسقطتْ رجله اليُسرى، ثم نزل منزلًا آخر فسقطتْ يده اليُسرى، ثم نزل منزلًا آخر فسقطتْ رجله اليُمنى، فأتى منزله وقومه وهو جسد لا أعضاء له، فأخبرهم الخبر، ثم فاضتْ نفسُه وهم ينظرون (٢) [٧٣٠٥]. (١٥/ ٦٥٣)

٨٤٩٢٥ - عن عطاء بن يسار، قال: حدّثني مَن كلّم قائد الفيل وسائسه قال لهما:


[٧٣٠٥] أفاد أثر عثمان بن المُغيرة أن أبْرَهَة لم يقدم من اليمن، وإنما أرسل شهر بن مقصود على الجيش، وقد ذكره ابن كثير (١٤/ ٤٦٢)، وانتقده مرجّحًا أنّ أبْرَهَة إنما قدم إلى مكة مستندًا إلى دلالة التاريخ، فقال: «وهذا السياق غريب جدًّا، وإن كان أبو نعيم قد قوّاه ورجّحه على غيره، والصحيح أنّ أبْرَهَة الأشرم الحبشي قدم مكة كما دل على ذلك السياقات والأشعار. وهكذا روى ابن لهيعة، عن الأسود، عن عروة: أنّ أبْرَهَة بعث الأسود بن مقصود على كتيبة معهم الفيل، ولم يذكر قدوم أبْرَهَة نفسه، والصحيح قدومه، ولعل ابن مقصود كان على مقدمة الجيش».

<<  <  ج: ص:  >  >>