للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٨٥٥٨١ - قال الربيع بن أنس: {الصَّمَد} الذي لا تعتريه الآفات (١). (ز)

٨٥٥٨٢ - قال عاصم [بن أبي النجود] =

٨٥٥٨٣ - ومعمر [بن راشد]: {الصَّمَد} هو الدائم (٢). (ز)

٨٥٥٨٤ - قال [جعفر] الصادق: {الصَّمَد} وهو الغالب الذي لا يغلب (٣). (ز)

٨٥٥٨٥ - قال جعفر [الصادق]: {الصَّمَد} الذي لم يُعطِ لخَلْقه مِن معرفته إلا الاسم والصفة (٤). (ز)

٨٥٥٨٦ - قال جعفر الصادق: {الصَّمَد} خمس حروف: فالألف دليل على أحَدِيَّته، واللام دليل على إلاهِيَّته، وهما مدغمان لا يظهران على اللسان ويظهران في الكتابة، فدلّ ذلك على أنّ أحَدِيَّته وإلاهِيَّته خفيّة لا تُدرك بالحواس، وأنّه لا يقاس بالناس، فخفاؤه في اللفظ دليل على أنّ العقول لا تُدركه ولا تحيط به علمًا، وإظهاره في الكتابة دليل على أنه يظهر على قلوب العارفين، ويبدو لأعين المُحِبِّين في دار السلام، والصاد دليل على صِدْقه، فوعْده صِدْقٌ، وقوله صِدْقٌ، وفِعله صِدْقٌ، ودعا عباده الى الصدق، والميم دليل على مُلكه، فهو الملِك على الحقيقة، والدال علامة دوامه في أبديّته وأزليّته (٥). (ز)

٨٥٥٨٧ - قال مقاتل بن سليمان: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أحَدٌ اللَّهُ الصَّمَد}، تعني: أحد لا شريك له (٦). (ز)

٨٥٥٨٨ - قال مقاتل بن حيان: {الصَّمَد} الذي لا عيب فيه (٧) [٧٣٣٨]. (ز)


[٧٣٣٨] اختلف في معنى: {الصَّمَد} في هذه الآية على أقوال: الأول: هو الذي لا جوف له، ولا يأكل ولا يشرب. الثاني: الذي لا يخرج منه شيء. الثالث: الذي لم يلد ولم يولد. الرابع: السيّد الذي قد انتهى في سؤدده. الخامس: هو الباقي الذي لا يفنى.
ووجَّه ابنُ عطية (٨/ ٧١١) القول بأن المعنى: «الذي لا جوف له» بقوله: «كأنه بمعنى: المُصمَت».
ووجَّه ابنُ كثير (١٤/ ٥١٣) القول الثالث -وهو قول الربيع بن أنس، وما في معناه- بقوله: «كأنه جعل ما بعده تفسيرًا له، وهو قوله: {لم يلد ولم يولد}». ثم علَّق عليه بقوله: «وهو تفسير جيد».
وذكر ابنُ جرير (٢٤/ ٧٣٧) أنّ " {الصَّمَد} عند العرب هو السيِّد الذي يُصمَد إليه، الذي لا أحد فوقَه، وكذلك تُسمِّي أشرافها. ومنه قَوْل الشّاعر:
ألا بَكَرَ النّاعِي بِخَيْرَيْ بَنِي أسَدْ بِعَمْرِو بْنِ مَسْعُودٍ وبِالسَّيِّدِ الصَّمَد
وقال الزِّبْرِقانُ:
ولا رَهِينَةَ إلّا سَيِّدٌ صَمَدُ".
ثمَّ رجَّح القول الرابع -مستندًا إلى اللغة- قائلًا: «فإذ كان ذلك كذلك فالذي هو أولى بتأويل الكلمة: المعنى المعروف من كلام من نزل القرآن بلسانه، ولو كان حديث ابن بُرَيْدة عن أبيه صحيحًا كان أولى الأقوال بالصحة؛ لأنّ رسول الله أعلمُ بما عَنى الله -جلَّ ثناؤه-، وبما أنزَل عليه».
وذكر ابنُ تيمية (٧/ ٢٨٥) أنّ معنى {الصَّمَد}: «فيه للسلف أقوال متعددة قد يظن أنها مختلفة؛ وليس كذلك». ورجَّح أنّ «كلّها صواب، والمشهور منها قولان: أحدهما: أنّ الصَّمَد هو الذي لا جوف له. والثاني: أنه السيّد الذي يُصمَد إليه في الحوائج. والأول هو قول أكثر السلف من الصحابة والتابعين وطائفة من أهل اللغة، والثاني قول طائفة من السلف والخلف وجمهور اللغويين». وذكر (٧/ ٣٦٩) في موضع آخر هذين القولين المشهورين، ثم قال: «وكلا القولين حقّ؛ فإنّ لفظ» الصَّمَد «في اللغة يتناول هذا وهذا، والصَّمَد في اللغة: السيد؛ والصَّمَد أيضًا: المُصمد، والمُصمد: المُصمت، وكلاهما معروف في اللغة. ولهذا قال يحيى بن أبي كثير: الملائكة صَمد، والآدميون جوف. وهذا أيضًا دليل آخر؛ فإنه إذا كانت الملائكة - وهم مخلوقون من النور كما ثبت في صحيح مسلم عن عائشة عن النبي أنه قال: «خُلقت الملائكة من نور، وخُلق الجان من نار، وخُلق آدم مما وصف لكم» -، فإذا كانوا مخلوقين من نور؛ وهم لا يأكلون ولا يشربون، بل هم صَمد ليسوا جوفًا كالإنسان، وهم يتكلّمون ويسمعون ويُبصرون ويصعدون وينزلون كما ثبت ذلك بالنصوص الصحيحة، وهم مع ذلك لا تماثل صفاتهم وأفعالهم صفات الإنسان وفعله؛ فالخالق تعالى أعظم مباينة لمخلوقاته مِن مباينة الملائكة للآدميين؛ فإنّ كليهما مخلوق، والمخلوق أقرب إلى مشابهة المخلوق من المخلوق إلى الخالق».

<<  <  ج: ص:  >  >>