أو: هل يجوز أن يقع عندهم خطأ محض في فهم معنى من المعاني، بحيث يقال: إنهم أخطؤوا جميعًا في فهم هذه الجملة أو تلك؟
ولا ريب أن الجواب: إنه لا يصح ذاك ولا يجوز هذا؛ لأنه يلزم منه تجهيل الأمة بفهم كلام ربها، وأن هؤلاء المتقدمين لم يكونوا يفهمون معنى ذلك الكلام العربي الذي كان بلغتهم.
٤ - ومن ثم، فإنه إذا احتملت الآية أكثر من معنى، فإنه لا يتصور عدم وصولهم إلى معنى صحيح في الآية، ويصل إليه المتأخرون عنهم.
فإذا جاء قول للمتأخرين يلزم منه عدم وصول السلف إلى معنى صحيح، فإن هذا يدل على بطلان القول الحادث؛ لأنه يلزم منه أن هذه الطبقات الثلاث قد جهلت معنى الآية، ولم تعلم بها.
٥ - وإذا كان كذلك، فالحق لا يمكن أن يخرج عن أقوالهم، ويكون عند من جاء بعدهم، بل الحق متحقق في أقوالهم بيقين، ثم قد يأتي عند من جاء بعدهم معان جديدة صحيحة تحتملها الآية، وهي غير مبطلة لما ورد عنهم، والحكم فيما كان هذا حاله -من حيث العموم- مقبول، لكن لا يلزم أن يكون على إطلاقه في كل مثال، بل كل مثال يناقش حسب حاله من الآية.
وإذا صح هذا؛ كان القول بأن تفسير السلف حجة قولًا صحيحًا، واللَّه الموفق.