إلا أن يُغْزى، أو يغزو فإذا حضَره أقامَ حتى يَنسَلِخ (١)[٦٨٢]. (٢/ ٣٢١)
٦١٧١ - عن عبد الله بن عباس -من طريق علي بن أبي طلحة- في قوله:{فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم}، وقوله:{وجزاء سيئة سيئة مثلها}[الشورى: ٤٠]، وقوله:{ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل}[الشورى: ٤١]، وقوله:{وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به}[النحل: ١٢٦]، قال: هذا ونحوُه نزل بمكة والمسلمون يومئذ قليل، فليس لهم سلطانٌ يَقْهَرُ المشركين، فكان المشركون يَتَعاطَونهم بالشَّتْمِ والأذى، فأمر اللهُ المسلمين مَن يَتَجازى منهم أن يَتَجازى بمثل ما أُوتِي إليه، أو يصبر، أو يعفو، فلَمّا هاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة، وأَعَزَّ اللهُ سلطانَه؛ أمَرَ اللهُ المسلمين أن يَنتَهُوا في مظالِمِهم إلى سلطانهم، ولا يَعْدُو بعضُهم على بعض كأهل الجاهلية، فقال:{ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا}[الإسراء: ٣٣]. يقول: ينصره السلطانُ حتى يُنْصِفَه من ظالمه، ومَن انتصر لنفسه دون السلطان فهو عاصٍ مُسْرف، قد عَمِل بِحَمِيِّة الجاهلية، ولم يَرْضَ بحكم الله تعالى (٢). (٢/ ٣٢٠)
٦١٧٢ - عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نَجِيح- في قوله: {فمن اعتدى عليكم
[٦٨٢] علَّق ابنُ كثير (٢/ ٢١٩) على هذا الأثر فقال: «هذا إسناد صحيح؛ ولِهذا لَمّا بلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - -وهو مُخَيِّم بالحُدَيْبِية- أنّ عثمان قد قُتل -وكان قد بعثه في رسالة إلى المشركين-؛ بايع أصحابه -وكانوا ألفًا وأربعمائة- تحت الشجرة على قتال المشركين، فلَمّا بلغه أنّ عثمان لم يُقْتَل كَفَّ عن ذلك، وجَنَح إلى المُسالَمَة والمُصالَحَة، فكان ما كان. وكذلك لَمّا فَرَغ من قتال هَوازن يوم حُنَيْن، وتحصن فَلُّهم بالطائف؛ عدل إليها، فحاصرها، ودخل ذو القعدة وهو محاصرها بالمَنجَنِيق، واسْتَمَرَّ عليها إلى كمال أربعين يومًا، كما ثبت في الصحيحين عن أنس، فلَمّا كَثُر القتلُ في أصحابه انصرف عنها ولم تُفْتَح، ثم كَرَّ راجعًا إلى مكة، واعْتَمَرَ من الجُعُرّانة، حيث قسم غنائم حنين. وكانت عمرته هذه في ذي القعدة أيضًا عام ثمان».