ورجَّح ابنُ جرير (٣/ ٣١٠) قولَ مجاهد مُسْتَنِدًا إلى السياق، وزمن النزول، فقال: «لأنّ الآيات قبلها إنّما هي أمر من الله للمؤمنين بجهاد عدوهم على صفة، وذلك قوله: {وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم} والآيات بعدها، وقوله: {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه} إنّما هو في سياق الآيات التي فيها الأمر بالقتال، والجهاد، والله إنّما فَرَض القتالَ على المؤمنين بعد الهجرة، فمعلوم بذلك أنّ قوله: {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم} مدنيٌّ لا مكي، إذ كان فرض قتال المشركين لم يكن وجب على المؤمنين بمكة، وأنّ قوله: {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم} نظيرُ قوله: {وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم}، وأنّ معناه: فمن اعتدى عليكم في الحرم فقاتلكم فاعتدوا عليه بالقتال نحو اعتدائه عليكم بقتاله إيّاكم، لأنِّي قد جعلت الحرمات قصاصًا، فمن استَحَلَّ منكم -أيها المؤمنون- من المشركين حُرْمَةً في حَرَمِي؛ فاسْتَحِلُّوا منه مثلَه فيه».