ورَجَّح ابنُ جرير (٣/ ٣٧٤ - ٣٧٥) القولَ الأول الذي قاله ابن عمر، وابن الزبير، والحكم، وعطاء بن أبي رباح، ومالك بن أنس، مستندًا إلى السنة، فقال: «وأَوْلى هذه الأقوال بالصواب في تأويل هذه الآية قولُ من قال: إنّ الله - عز وجل - عنى بقوله: {فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله} كُلَّ مُحْصَرٍ في إحرام؛ بعمرة كان إحرام المُحْصَر أو بحج، وجعل مَحِلَّ هَدْيِه الموضعَ الذي أُحْصِر فيه، وجَعَل له الإحلال من إحرامه ببلوغ هَدْيِه مَحِلَّه، وتأول بالمحل المنحر، أو المذبح، وذلك حين حل نحره أو ذبحه؛ في حرم كان أو في حل، وألزمه قضاءَ ما حَلَّ منه من إحرامه قبل إتمامه إذا وجد إليه سبيلًا، وذلك لتواتر الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه صُدَّ عام الحديبية عن البيت وهو محرم وأصحابه بعمرة، فنحر هو وأصحابه بأمره الهَدْيَ، وحَلُّوا من إحرامهم قبل وصولهم إلى البيت، ثم قضوا إحرامهم الذي حَلُّوا منه في العام الذي بعده». وذكر ابنُ جرير (٣/ ٣٦٠) أنّ هذا القول قولُ مَن قال: الإحصارُ إحصارُ العدوِّ دون غيره. وانتَقَد (٣/ ٣٧٧) القولَ الأخير مستندًا لمخالفته السُّنَة، فقال: «وأمّا الذين قالوا: لا إحصار في العمرة؛ فإنه يُقال لهم: قد علمتم أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما صُدَّ عن البيت وهو محرم بالعمرة، فحَلَّ من إحرامه، فما برهانكم على ألّا إحصار فيها؟».