للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦٨٢١ - قال مقاتل بن سليمان: {ولا جدال في الحج} يعني: ولا مراء -كقوله سبحانه: {ما يجادل في آيات الله} [غافر: ٤] يعني: ما يُمارِي- حتى يَغضَب وهو مُحْرِم، أو يُغضِب صاحبه وهو مُحْرِم، فمن فعل ذلك فلْيُطْعِم مسكينًا، وذلك أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر في حجة الوداع فقال: «مَن لم يكن معه هَدْيٌ فلْيُحِلَّ من إحرامه، ولْيَجْعَلْها عمرة». فقالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إنّا أهْلَلْنا بالحجِّ. فذلك جدالُهم للنبي - صلى الله عليه وسلم - (١). (ز)

٦٨٢٢ - عن مقاتل بن حيان -من طريق بُكَيْر بن معروف- قال: الجدال: المراء (٢). (ز)

٦٨٢٣ - قال مالك بن أنس: قال الله -تبارك وتعالى-: {فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج} ... قال: والجدال في الحج: أنّ قريشًا كانت تقف عند المشعر الحرام بالمزدلفة بقُزَح، وكانت العرب وغيرهم يقفون بعرفة، فكانوا يتجادلون، يقول هؤلاء: نحن أصوب. ويقول هؤلاء: نحن أصوب. فقال الله تعالى: {لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه فلا ينازعنك في الأمر وادع إلى ربك إنك لعلى هدى مستقيم} [الحج: ٦٧]. فهذا الجدال فيما يُرى -والله أعلم-. وقد سمعتُ ذلك من أهل العلم (٣). (ز)

٦٨٢٤ - عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهْب- في قوله: {ولا جدال في الحج}، قال: كانوا يقفون مواقف مختلفة يتجادلون، كلهم يدَّعي أن موقفه موقف إبراهيم، فقَطَعَه الله حين أعْلَمَ نبيَّه - صلى الله عليه وسلم - بمناسكهم (٤) [٧٢٥]. (٢/ ٣٨٧)


[٧٢٥] اختلف السلف في تفسير قوله: {ولا جدال في الحج} على أقوال، كما هو موضح في الآثار.
وقد رَجَّح ابنُ جرير (٣/ ٤٨٧ - ٤٩٣) مستندًا إلى الدلالات العقلية، والسُّنَّة أنّ معنى قوله: {لا جدال في الحج} أي: لا جدال في وقته؛ فإنه قد استقام أمره، وزال النَّسِيءُ عنه. وذكر من وجوه ترجيحه: ١ - أنّ ما خصَّه الله بالنهي عنه حال الإحرام لا يكون منهيًّا عنه حال الإحلال، إذ لو كان منهيًّا عنه بإطلاق لم يكن لتخصيص النهي عنه حال الإحرام معنى. ٢ - قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَن حَجَّ هذا البيت فلم يَرْفُث ولم يَفْسُق خرج مثل يوم ولدته أمه». فذكر الرَّفَث والفسوق ولم يضم إليهما الجدال، فلو كان الجدال الذي نهى الله عنه في قوله: {ولا جدال في الحج} هو السباب أو غيره مما ذكره المفسرون لقَرَنه النبي - صلى الله عليه وسلم - بالرفث والفسوق، فلمّا لم يقرنه بهما دلَّ على أنه غيرهما. وبنحوه قال ابنُ تيمية (١/ ٤٧٦).
وعند ابن عطية (١/ ٤٨٥) نحوه، حيث ذكر الأقوال المختلفة في تفسير الآية، ثم رَجَّح هذا القولَ، فقال: «وهذا أصحُّ الأقوال، وأظهرُها». ولم يذكر مستندًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>