للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٧٢٠٢ - عن إسماعيل السدي -من طريق أسباط-: أمّا {من تعجل في يومين فلا إثم عليه}، يقول: مَن نفر في يومين فلا جُناح عليه، ومَن تأخر فنفر في الثالث فلا جُناح عليه (١). (ز)

٧٢٠٣ - عن الربيع بن أنس -من طريق أبي جعفر- قال: ذهب إثمُه كلُّه إن اتَّقى فيما بقي (٢). (ز)

٧٢٠٤ - قال مقاتل بن سليمان: {فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ} يعني: بعد يوم النحر بيومين، يقول: مَن تعجل فنَفَر قبل غروب الشمس {فَلا إثْمَ عَلَيْهِ} يقول: فلا ذنب عليه، يقول: ذنوبه مغفورة، فمَن لَمْ ينفِر حتى تغرب الشمس فلْيُقِم إلى الغد يوم الثالث، فيرمي الجمار، ثُمّ ينفِر مع الناس. قال: {ومَن تَأَخَّرَ} إلى يوم الثالث حتى ينفر الناس {فَلا إثْمَ عَلَيْهِ} يقول: لا ذنب عليه، يقول: ذنوبه مغفورة. ثُمّ قال: {لِمَنِ اتَّقى} قَتْلَ الصيد، {واتَّقُوا اللَّهَ} ولا تَسْتَحِلُّوا قتلَ الصيد فِي الإحرام، {واعْلَمُوا} يُخَوِّفهم {أنَّكُمْ إلَيْهِ تُحْشَرُونَ} فِي الآخرة؛ فيجزيكم بأعمالكم. نظيرها فِي المائدة [٩٦]: {وحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ البَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُمًا واتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إلَيْهِ تُحْشَرُونَ} فيجزيكم بأعمالكم (٣). (ز)

٧٢٠٥ - عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهْب- في قوله: {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه}، قال: {لِمَنِ اتَّقى} بشرط (٤). (ز)

٧٢٠٦ - عن هشيم، قال: أخبرنا محمد بن أبي صالح: {لمن اتقى} أن يُصِيب شيئًا من الصيد حتى يمضي اليوم الثالث (٥) [٧٤٨]. (ز)


[٧٤٨] أفادت الآثارُ اختلافَ السلف في المراد من قوله تعالى: {فلا إثم عليه لمن اتقى} على أقوال؛ الأول: مَن تعجل فلا حرج عليه في تعجله، ومَن تأخر فلا حرج عليه في تأخره. الثاني: ليس عليه إثمٌ إن تعجل أو تأخر فيما بينه وبين السنة التي بعدها. وهو قول مجاهد. الثالث: فلا إثم عليه إن اتَّقى قتل الصيد. الرابع: فلا إثم عليه إن اتّقى فيما بقي من عمره. الخامس: مَن تعجل أو تأخر فلا إثم عليه إن اتَّقى الله في حجه.
وقد رجّح ابنُ جرير (٣/ ٥٦٦) مستندًا إلى السنة القولَ الأخير، وهو قول ابن مسعود الذي نقله قتادة، من أنّ المراد بقوله تعالى: {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى}: أنّ مَن اتقى الله في حجه فالتزم أوامره فيه واجتنب نواهيه غفر الله له، وحَطَّ عنه ذنوبه، سواء تعجل فنفر في اليوم الثاني من أيام التشريق، أم تأخر فنفر في اليوم الثالث من أيام التشريق، وعلَّل ذلك بقوله: «وإنما قلنا أنّ ذلك أوْلى تأويلاته لِتَظاهُرِ الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من حج هذا البيت فلم يرفث، ولم يفسق، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه». وأنه قال - صلى الله عليه وسلم -: «تابِعوا بين الحج والعمرة؛ فإنهما ينفيان الذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة»». وذكر بعض الأخبار النبوية الأخرى في ذات المعنى.
ثم انتَقَدَ (٣/ ٥٦٧ - ٥٦٨) مستندًا إلى الدلالة العقلية القولَ الأول بأنّه لا حرج على الحاج في تعجله أو تأخره، فقال: «لأنّ الحرج إنما يوضع عن العامل فيما كان عليه تركُ عمله، فيرخص له في عمله بوضع الحرج عنه في عمله، أو فيما كان عليه عمله فيُرَخِّص له في تركه بوضع الحرج عنه في تَرْكه، فأمّا ما على العامل عملُه فلا وجه لوضع الحرج عنه فيه إن هو عمله، وفرضه عمله، لأنّه مُحالٌ أن يكون المؤدي فرضًا عليه حرجًا بأدائه، فيجوز أن يقال: قد وضعنا عنك فيه الحرج».وانتَقَدَ (٣/ ٥٦٩) القولَ الثانيَ بمخالفته لظاهر القرآن والسنة، وعلَّل ذلك بأن ظاهر الآية لا يفيد الحصر، وبأن السنة صرحت أنه بانقضاء حجه مغفور له دون تحديد. وانتَقَد (٥/ ٥٦٨ - ٥٦٩) القولَ الثالثَ لمخالفته السنة والإجماع، فقال: "لأنه لا خلاف بين الأمة في أنّ الصيد للحاجِّ بعد نفره من منى في اليوم الثالث حلال، فما الذي مِن أجله وضع عنه الحرج في قوله: {ومن تأخر فلا إثم عليه} إذا هو تأخر إلى اليوم الثالث ثم نفر؟! هذا مع إجماع الحجة على أنّ المُحْرِم إذا رمى وذبح وحلق وطاف بالبيت فقد حلَّ له كل شيء، وتصريح الرواية المروية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ وذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا رميتم وذبحتم وحلقتم حَلَّ لكم كلُّ شيء إلا النساء».
وساق ابنُ عطية (١/ ٤٩٦) الأقوال، ثم عَلَّق بقوله: «واللام في قوله: {لمن اتقى} مُتَعَلِّقة إما بالغفران على بعض التأويلات، أو بارتفاع الإثم في الحج على بعضها، وقيل: بالذكر الذي دلَّ عليه قوله: {واذكروا}، أي: الذكر لمن اتقى، ويسقط رمي الجمرة الثالثة عمَّن تعجل».

<<  <  ج: ص:  >  >>