للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٨٢٢٨ - عن زيد بن أسلم -من طريق يحيى بن أيوب- أنّه كان يقول في قوله: {ولَكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ}: مثل قول الرجل: هو كافر، وهو مشرك. قال: لا يؤاخذه حتى يكون ذلك من قلبه (١). (ز)

٨٢٢٩ - قال مقاتل بن سليمان: ثُمَّ قال - عز وجل -: {ولكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ}، يعني: بما عَقَدَتْ قلوبُكم من المَأْثَم، يعني: اليمين الكاذبة التي حلف عليها وهو يعلم أنَّه فيها كاذب، فهذه فيها كفارة (٢). (ز)

٨٢٣٠ - عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهْب- في قوله: {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم}، قال: اللَّغْوُ في هذا: الحلف بالله ما كان بالألسن، فجعله لغوًا، وهو أن يقول: هو كافر بالله، وهو إذًا يشرك بالله، وهو يدعو مع الله إلهًا. فهذا اللغو الذي قال الله تعالى في سورة البقرة: {ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم}، قال: بما كان في قلوبكم صِدقًا واخِذُك به، فإن لم يكن في قلبك صِدقًا لم يُواخِذْك به، وإن أثِمْتَ (٣) [٨٣٧]. (ز)


[٨٣٧] اختُلِف في المعنى الذي أوعد الله تعالى بقوله: {ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم} عبادَه أنه مؤاخذهم به؛ فقال بعضهم: هو حلف الحالف على كذب وباطل. وقال غيرهم: هو حلف الحالف على باطل يعلمه باطلًا. وذكر آخرون أنّ لذلك معنيين: أحدهما: مؤاخذ به العبد في الدنيا بإلزام الله إياه الكفارة منه. والآخر منهما: مؤاخذ به في الآخرة إلا أن يعفو. وذهب البعض إلى أنه: اعتقاد الشرك بالله والكفر. قال ابنُ جرير (٤/ ٤١ بتصرف) بعد ذكره لهذه الأقوال: «والصواب من القول في ذلك أن يُقال: إنّ الله -تعالى ذِكْرُه- أوْعَدَ عباده أن يؤاخذهم بما كسبت قلوبهم من الأيمان، فالذي تكسبه قلوبهم من الأيمان هو ما قَصَدَتْهُ وعَزَمَتْ عليه على علم ومعرفة منها بما تقصده وتريده، وذلك يكون منها على وجهين: أحدهما: على وجه العزم على ما يكون به العازم عليه في حال عزمه بالعزم عليه آثمًا، وبفعله مستحقًا المؤاخذة من الله عليها، وذلك كالحالف على الشيء الذي لم يفعله أنه قد فعله، وعلى الشيء الذي قد فعله أنه لم يفعله، قاصدًا لأصل الكذب، ... فيكون الحالف بذلك ... في مشيئة الله يوم القيامة إن شاء واخذه به في الآخرة، وإن شاء عفا عنه بتفضله، ولا كفارة عليه فيها في العاجل؛ لأنها ليست من الأيمان التي يحنث فيها. والوجه الآخر منهما: على وجه العزم على إيجاب عقد اليمين في حال عزمه على ذلك، فذلك مما لا يؤاخذ به صاحبه حتى يحنث فيه بعد حلفه، فإذا حنث فيه بعد حلفه كان مؤاخذًا بما كان اكتسبه قلبه -من الحلف بالله على إثم وكذب- في العاجل بالكفارة التي جعلها الله كَفّارة لذنبه».ورجَّح ابنُ القَيِّم (١/ ١٧٧) أن المعنى: بما عزمتم عليه وقصدتموه. مستندًا إلى السياق، فإنه سبحانه قابَل به لغو اليمين، وهو ألا يقصد اليمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>